البيت في نظر الحكام خطر ديني أساسي لا يحتاج إلى جيش وسلاح.
وهذا الإمام الحسين يصور حقيقة النزاع بين الحكام وأهل البيت، يقول الطبري: " وقام الحسين في كربلاء مخاطبا أصحابه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إن رسول الله (ص) قال: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله، ناكثا لعهد الله، مخالفا لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان فلم يغير عليه بفعل ولا قول، كان حقا على الله أن يدخله مدخله. ألا وإن هؤلاء قد لزموا طاعة الشيطان، وتركوا طاعة الرحمن، وأظهروا الفساد، وعطلوا الحدود، واستأثروا بالفئ، وأحلوا حرام الله وحرموا حلاله، وأنا أحق من غيري " (1).
فإذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) قد ربى أبناء الناس على الدين خير تربية، أتراه تاركا أبناءه فإنه على غير تربية الدين؟! لا، بل لهم الأولوية في التربية والنشأة على الوحي، وإلا فإنه يكون كالآمر بالبر والناسي لنفسه.
ولما كان هدف أهل البيت إقامة الدين وإجراء الشرع الذي تربوا عليه وهم أولى بذلك، كان الحكام في زمانهم يهدفون إلى السلطة فحسب، لأن الذي لا يهدف إلى شئ إلا أن يرى الدنيا قائما، لا يضيره شئ إن قام الدين بغيره من الناس على الوجه المطلوب.
وهكذا حوصر أهل بيت النبوة من كل صوب، ومنعوا من الكلام في أي أمر في مجال الدين سياسيا وعباديا. فإن كان هذا حال أهل البيت فمن من أتباعهم تكون له جرأة الكلام والتفوه بما يرضي العترة النبوية؟! فلو استهان أمر أهل البيت عند الحكام فلأمر أتباعهم أشد هوانا. ومع ذلك ظهر على سطح الساحة الدينية علماء صار حق الفتيا لهم، وارتضاهم الحكام، وقصدوا إلى فرض ما أفتوا به على الناس ونشره بينهم، فقربوهم إليهم وأجزلوا لهم العطاء. فلم كان ما أفتى به هؤلاء يرضي سريرة أهل البيت ويوافق ما هو عليه من أمر، فلماذا لم يترك الحكام أهل البيت لأن يفتوا أو يقولوا بهذا ما دام لا يضيرهم منه شئ؟! أم أن هؤلاء كانوا أعلم من أهل البيت بأمور الدين والوحي؟! ولكن أهل