مسيحي واسع الاطلاع، مفروض فيه عمق الفكر ودقة التعبير، ولكنها موضوعات المسيحية يزل فيها كل مسيحي يريد أن يتمسك بها ويعلل لها، والاقتباس الذي ننقله فيما يلي هو حديث عن (سر الثالوث) وهاك نصه:
(من الناس من يقولون: لم يا ترى إله واحد في ثلاثة أقانيم؟ أوليس في تعدد الأقانيم انتقاص لقدر الله؟ أوليس من الأفضل أن يقال: الله أحد وحسب؟
(لكننا إذا اطلعنا على كنه الله لا يسعنا إلا القول بالتثليث، وكنه الله محبة (يوحنا الأولى 4: 16) ولا يمكن إلا أن يكون محبة، ليكون سعيدا، فالمحبة هي مصدر سعادة الله، ومن طبع المحبة أن تفيض وتنتشر على شخص آخر فيضان الماء وانتشار النور، فهي إذن تفترض شخصين على الأقل يتحابان، وتفترض مع ذلك وحدة تامة بينهما. فليكون الله سعيدا - ولا معنى لإله غير سعيد وإلا انتفت عنه الألوهية - كان عليه أن يهب ذاته شخصا آخر يجد فيه سعادته ومنتهى رغباته، ويكون بالتالي صورة ناطقة له، ولهذا ولد الله الابن منذ الأزل نتيجة لحبه إياه، ووهبه ذاته، ووجد فيه سعادته ومنتهى رغباته، وبادل الابن الأب هذه المحبة ووجد فيه هو أيضا سعادته ومنتهى رغباته. وثمرة هذه المحبة المتبادلة بين الأب والابن كانت الروح القدس. هو الحب إذا يجعل الله ثالوثا وواحدا معا.
(ولا يصح أن يكون هذا الكائن الذي حبس الله الأب محبته عليه إلا الابن، ولو كان غير الابن، ولو كان خليقة محدودة، بشرا أو ملاكا، لكان الله بحاجة إلى من دونه كمالا، وعد ذلك نقصا في الله، والله منزه عن النقص، فتحتم إذا على الله والحالة هذه أن يحبس محبته على ذاته فيجد