ولا زعيم اليهود الموعود فقط، بل إنه ابن الله نزل إلى الأرض ليقدم نفسه قربانا ويصلب تكفيرا عن خطيئة البشر.
فموته كان تضحية مثل ممات الضحايا القديمة من الآلهة في أيام الحضارات البدائية من أجل خلاص البشرية.
(وقد استعارت المسيحية أشياء كثيرة من هذه الديانات كالقسيس الحليق وتقديم النذور والهياكل والشموع والتراتيل والتماثيل التي كانت لعقائد متراس والإسكندرية، بل تبنت أيضا حتى عباراتها في عباداتها وأفكارها اللاهوتية.
(وراح القديس بولس يقرب إلى عقول تلاميذه الفكرة الذاهبة إلى أن شأن عيسى كشأن أوزوريس: كان ربا مات ليبعث حيا وليمنح الناس الخلود) (1).
وهكذا وضع بولس بذرة ألوهية المسيح، وصادفت البذرة أرضا خصبة في عقول أولئك الذين لهم معرفة بالفلسفات والاتجاهات التي سبقت المسيحية، وساعد على نمو هذه الأفكار ما صادفه المسيحيون الأول من الاضطهادات المدمرة التي سبق أن تحدثنا عنها، تلك الاضطهادات التي التهمت كثيرا من مراجعهم وقضت على أتباع المسيحية الحقيقيين أو كادت، وقد استمرت هذه الاضطهادات أكثر من ثلاثة قرون (حتى سنة 313) وفي خلال هذه القرون فقدت المسيحية طابعها من كثرة ما تأثرت بالثقافات المختلفة بل بالخرافات المتعددة، وخرجت إلى الناس بعد هذه المدة وبعد تلك الأجيال وفيها تناقض ظاهر في كل تعاليمها، وأشد أنواع التناقض هو ما اتصل بالسيد المسيح نفسه، فقد كان بعضهم يراه رسولا ككل