فيها سعادته لهذا يقول بولس الرسول: إن الابن هو صورة الله الغير المنظور وبكر كل خلق (كولوس 1: 15).
(ليس الله إذا كائنا تائها في الفضاء، منعزلا في السماء، لكنه أسرة مؤلفة من أقانيم ثلاثة تسودها المحبة وتفيض منها على الكون براءته، وهكذا يمكننا أن نقول إن كنه الله يفرض هذا التثليث (2)) ا ه.
مرة أخرى ليس هذا القول إلا خرافة لا تستحق التعليق.
وهل يقول المسيحيون بالتثليث أو يقولون بالوحدانية؟ سؤال يصعب الجواب عليه، إنهم يقولون: تثليث في وحدانية، ووحدانية في تثليث.
ما معنى هذا؟ وما دوافع هذا التعقيد؟ سنعود إلى ذلك فيما بعد بالإيضاح، ولكنا هنا نثبت أن هناك موضوعين مختلفين وإن ظهرا قبل التعمق أنهما موضوع واحد، وهذان الموضوعان هما:
(ا) التثليث.
(ب) ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس.
والموضوع الأول أقدم وجودا، أي أن الاعتقاد بالتثليث ظهر قبل القول بألوهية المسيح وقبل القول بألوهية الروح القدس.
قد يكون العكس هو الطبيعي، أي أن تثبت لدى المسيحيين ألوهية المسيح فينتقلوا من الوحدانية إلى الثنوية، ثم تثبت لهم ألوهية الروح القدس فينتقلوا من الثنوية إلى التثليث، أو تثبت لهم ألوهية المسيح وألوهية الروح القدس دفعة واحدة فينتقلوا من الوحدانية للتثليث دفعة واحدة. قد يكون ذلك هو الطبيعي، ولكن الواقع غير ذلك، الواقع أن التثليث كجملة ظهر أولا عند المسيحين، أخذوه من الثقافات المحيطة بهم، تلك الثقافات التي أثرت على مسيحية بولس ونقلتها - كما سيأتي - إلى عبادة ثالوث مقدس، فأصبحت هذه الحقيقة