ويسوع يعلن الأب لا في كلمات ينطق بها فقط، بل في حياته وشخصه، وبينه وبين الأب علاقة سرية متينة الأواصر لم يستطع تلاميذه أن يتقصوا إلى مكنوناتها (أنا في الأب والأب في) (ومن رآني فقد رأى الأب) فإن رمنا أن نعرف طبيعة الله، على قدر ما يستطيع الإنسان أن يعرف، فلا ندحة عن الرجوع إلى شخص يسوع (1).
3 - ويقول القس بولس سباط في ذلك ما يلي: يرى النصارى أن الباري تعالى جوهر واحد، موصوف بصفات الكمال، وله ثلاث خواص ذاتية، كشف المسيح عنها القناع وهي الأب والابن وروح القدس، ويشيرون بالجوهر الذي يسمونه الباري ذا العقل المجرد إلى الأب، وبالجوهر نفسه الذي يسمونه ذا العقل العاقل ذاته (أي الذي يعقل ذاته) إلى الابن، وبالجوهر عينه الذي يسمونه ذا العقل المعقول من ذاته إلى روح القدس، ويريدون بالجوهر ما قام بنفسه مستغنيا عن الظرف (2).
4 - ويقول القس إبراهيم سعيد في تفسير بشارة لوقا (3): يليق أن نوضح بكلمات موجزة المعنى المراد (بابن العلي أو ابن الله) فلم يقصد بها ولادة طبيعية ذاتية من الله، وإلا لقيل ولد الله، ولم يقصد بها ما يقال عادة عن المؤمنين جميعا أنهم أبناء الله، لأن نسبة المسيح لله هي غير نسبة المؤمنين عامة لله، ولم يقصد بها تفرقة في المقام من حيث الكبر والصغر ولا الزمنية ولا الجوهر، لكنه تعبير يكشف لنا عمق المحبة السرية التي بين المسيح والله، وهي محبة متبادلة، وما المحبة التي بين الأب والابن الطبيعيين سوى أثر من آثارها وشعاع ضئيل من بهاء أنوارها، ويراد بها إظهار المسيح لنا أنه الشخص الوحيد الذي حاز رضا