تركب بعض مافي الخيال مع بعض وتفصل بعضه عن بعض بحسب الاختيار ثم القوة الوهمية وهي قوة مرتبة في نهاية التجويف الأوسط من الدماغ تدرك المعاني غير المحسوسة الموجودة في المحسوسات الجزئية كالقوة الحاكمة بأن الذئب مهروب عنه وأن الولد معطوف عليه ثم القوة الحافظة الذاكرة وهي قوة مرتبة في التجويف المؤخر من الدماغ تحفظ ما تدركه القوة الوهمية من المعاني غير المحسوسة في المحسوسات ونسبة الحافظة إلى الوهمية كنسبة الخيال إلى الحس المشترك إلا أن ذلك في المعاني وهذا في الصورة فهذه خمس قوى حيوانية وأما النفس الناطقة للإنسان فتنقسم قواها أيضا إلى قوة عالمة وقوة عاملة وكل واحد من القوتين يسمى عقلا باشتراك الاسم فالعاملة قوة هي مبدأ محرك لبدن الإنسان إلى الأفاعيل الجزئية الخاصة بالروية على مقتضى آراء تخصها إصلاحية ولا إعتبار بالقياس إلى القوة الحيوانية النزوعية وإعتبار بالقياس إلى القوة الحيوانية المتخيلة والمتوهمة وإعتبار بالقياس إلى نفسها وقياسها إلى النزوعية أن تحدث عنها فيها هيئات تخص الإنسان تتهيأ بها لسرعة فعل وإنفعال مثل الخجل والحياء والضحك والبكاء وقياسها إلى المتخيلة والمتوهمة هو أن تستعملها في إستنباط التدابير في الأمور الكائنة والفاسدة وإستنباط الصناعات الإنسانية وقياسها إلى نفسها أن فيما بينها وبين العقل النظري تتولد الآراء الذائعة المشهورة مثل إن الكذب قبيح والصدق حسن وهذه القوة التي يجب أن تتسلط على سائر قوى البدن على حسب ما توجبه أحكام القوة العاقلة حتى لا تنفعل عنه البتة بل ينفعل عنها فلا يحدث فيها عن البدن هيئات إنقيادية مستفادة من الأمور الطبيعية وهي التي تسمى أخلاقا رذيلة بل تحدث في القوى البدنية هيئات إنقيادية لها وتكون متسلطة عليها وأما القوة العالمة النظرية فهي قوة من شأنها أن تنطبع بالصور الكلية المجردة عن المادة فإن كانت مجردة بذاتها فذاك وإن لم تكن فإنها تصيرها مجردة بتجريدها إياها حتى لا يبقى فيها من علائق المادة شيء ثم لها إلى هذه الصورة نسب
(٢٢٠)