وسئل بأي شيء يخالف الناس في هذا الزمان البهائم قال بالشرور قال وما رأينا العقل قط إلا خادما للجهل وفي رواية للسجزى إلا خادما للجد والفرق بينهما ظاهر فإن الطبيعة ولوازمها إذا كانت مستولية على العقل استخدمه الجهل وإذا كان ما قسم للإنسان من الخير والشر فوق تدبيره العقلي كان الجد مستخدما للعقل ويعظم جد الإنسان ما يعقل وليس يعظم العقل ما يجد ولهذا خيف على صاحب الجد ما لم يخف على صاحب العقل والجد أصم أخرس لا يفقه ولا ينفه وإنما هو ريح تهب وبرق يلمع ونار تلوح وصحو يعرض وحلم يمتع وهذا اللفظ أولى فإنه عم الحكم فقال ما رأينا العقل قط وقد يعرض للعقل أن يرى ولا يستخدمه الجهل وذلك هو الأكثر وقال زينون في الجرادة خلقة سبعة جبابرة رأسها رأس فرس وعنقها عنق ثور وصدرها صدر أسد وجناحاها جناحا نسر ورجلاها رجلا جمل وبطنها بطن عقرب وذنبها ذنب حية هكذا ذكره زينون 4 - رأي ديمقريطيس وشيعته كان يقول في المبدع الأول إنه ليس هو العنصر فقط ولا العقل فقط بل الأخلاط الأربعة وهي الأسطقسات أوائل الموجودات كلها ومنا أبدعت الأشياء البسيطة كلها دفعة واحدة وأما المركبة فإنها كونت دائمة داثرة إلا أن ديمومتها بنوع ودثورها بنوع ثم إن العالم بجملته باق غير داثر لأنه ذكر أن هذا العالم متصل بذلك العالم الأعلى كما أن عناصر هذه الأشياء متصلة بلطيف أرواحها الساكنة فيها والعناصر وإن كانت تدثر في الظاهر فإن صفوها من الروح البسيط الذي فيها فإذا كان كذلك فليس يدثر إلا من جهة الحواس فأما من نحو العقل فإنه ليس يدثر فلا يدثر هذا العالم إذا كان صفوها فيه وصفوه بالعوالم البسيطة وإنما شنع عليه الحكماء من جهة قوله إن أول
(١٠٠)