المقالة السادسة في وجه خروج العقل النظري من القوة إلى الفعل وأحوال خاصة بالنفس الإنسانية من الرؤيا الصادقة والكاذبة وأدراكهما علم الغيب ومشاهدتها صورا لا وجود لها من خارج تلك الوجوه ومعنى النبوة والمعجزات وخصائصها التي تتميز بها عن المخاريق اما الأول فقد بينا ان النفس الإنسانية لها قوة هيولانية أي استعداد لقبول المعقولات بالفعل وكل ما خرج من القوة إلى الفعل فلا بد له من سبب يخرجه إلى الفعل وذلك السبب يجب أن يكون موجودا بالفعل فإنه لو كان موجودا بالقوة لاحتاج إلى مخرج آخر فإما أن يتسلسل أو ينتهي إلى مخرج هو موجود بالفعل لا قوة فيه فلا يجوز أن يكون ذلك جسما لأن الجسم مركب من مادة وصورة والمادة أمر بالقوة فهو إذن جوهر مجرد من المادة وهو العقل الفعال وإنما سمي فعالا بإزاء كون العقول الهيولانية منفعلة وقد سبق إثباته في الإلهيات من وجه آخر وليس يختص فعله بالعقول والنفوس بل وكل صورة تحدث في العالم فإنما هي فيضة العام فيعطي كل قابل ما استعد له من الصور واعلم أن الجسم وقوة في جسم لا يوجد شيئا فإن الجسم مركب من مادة وصورة والمادة طبيعتها عدمية فلو أثر الجسم لأثر بمشاركة المادة وهي عدم والعدم لا يؤثر في الوجود فالعقل الفعال هو المجرد عن المادة وعن كل قوة فهو بالفعل من كل وجه وأما الثاني من الأحوال الخاصة بالنفس فالنوم والرؤيا والنوم غؤور القوى الظاهرة في أعماق البدن وإنخناس الأرواح من الظاهر إلى الباطن ونعني بالأرواح ههنا أجساما لطيفة مركبة من بخار الأخلاط التي منبعها القلب وهي مراكب القوى النفسيانية والحيوانية ولهذا إذا وقعت سدة في مجاريها من الأعصاب المؤدية للحس بطل الحس وحصل الصرع
(٢٢٨)