الغيم إلى جهة الأرض فيسمى صاعقة ولكنها نار لطيفة تنفذ في الثياب والأشياء الرخوة وتنصدم بالأشياء الصلبة كالذهب والحديد فيذيبه حتى يذيب الذهب في الكيس ولا يحرق الكيس ويذيب ذهب المراكب ولا يحرق السير ولا يخلو برق عن رعد لأنهما جميعا عن الحركة ولكن البصر أحد فقد يرى البرق ولا ينتهي صوت الرعد إلى السمع وقد يرى متقدما ويسمع متأخرا وأما البخار الصاعد فمنه ما يلطف ويرتفع جدا ويتراكم ويكثر مدده في أقصى الهواء عند منقطع الشعاع فيبرد فيكثف فيقطر فيكون المتكاثف منه سحابا والقاطر مطرا ومنه ما يقصر لثقله عن الارتفاع بل يبرد سريعا وينزل كما لو يوافيه برد الليل سريعا قبل أن يتراكم سحابا وهذا هو الطل وربما جمد البخار المتراكم في الأعالي أعين السحاب فنزل وكان ثلجا وربما جمد البخار غير المتراكم في الأعالي أعني مادة الطل فنزل وكان صقيعا وربما جمد البخار بعد ما استحال قطرات ماء فكان بردا وإنما يكون جموده في الشتاء وقد فارق السحاب وفي الربيع وهو داخل السحاب وذلك إذا سخن خارجه فيطنت البرودة إلى داخله فتكالف داخله واستحال ماء وأجمده شدة البرودة وربما تكاثف في الهواء نفسه لشدة البرد فاستحال سحابا واستحال مطرا ربما وقع على صقيل الظاهر من السحاب صور النيرات وأضواؤها كما يقع في المرائي والجدران الثقيلة فيرى ذلك على أحوال مختلفة بحسب اختلاف بعدها من النير وقربها وبعدها من المرئى وصفائها وكدورتها واستوائها ورعشتها وكثرتها وقلتها فيرى هالة وقوس قزح وشموس وشهب فالحالة تحدث عن إنعكاس البصر عن الرش المطيف بالنير إلى النير حيث يكون الغمام المتوسط لا يخفى النير فيرى دائرة كأنها منطقة محورها الخط الواصل بين الناظر وبين النير وما في داخلها ينفذ عنه البصر إلى النير ونوره الغالب على أجزاء الرش يجعله كأنه غير موجود وكأن الغيم هناك هواء شفاف وأما القوس فإن الغمام يكون في خلاف جهة النير
(٢١٥)