من التحيزات إلى أماكنها والتشكيلات الطبيعية وإذا خليت وطباعها لم يجز أن يحدث منها زوايا مختلفة بل ولا زاوية فيجب أن تكون كرة وإذا صح وجود الكرة صح وجود الدائرة المسألة الرابعة في المتقدم والمتأخر والقديم والحادث وإثبات المادة لكل متكون التقدم قد يقال بالطبع وهو أن يوجد الشيء وليس الآخر بموجود ولا يوجد الآخر إلا وهو موجود كالواحد والاثنين وقد يقال بالزمان كتقدم الأب على الابن ويقال بالرتبة وهو الأقرب إلى المبدأ الذي عين كالمتقدم في الصف الأول أن يكون أقرب إلى الأمام ويقال بالكمال والشرف كتقدم العالم على الجاهل ويقال بالعلية لأن للعلة استحقاقا للوجود قبل المعلول وهما بما هما ذاتان ليس يلزم فيهما خاصية التقدم والتأخر ولا خاصية المعية ولكن بما هما متضايقان وعلة ومعلول وأن أحدهما لم يستفد الوجود من الآخر والآخر إستفاد الوجود منه فلا محالة كان المفيد متقدما والمستفيد متأخرا بالذات وإذا رفعت العلة إرتفع المعلول لا محالة وليس إذا إرتفع المعلول إرتفعت بإرتفاعه العلة بل إن صح فقد كانت العلة إرتفعت أولا بعلة أخرى حتى إرتفع المعلول واعلم بأن الشيء كما يكون محدثا بحسب الزمان كذلك قد يكون محدثا بحسب الذات فإن الشيء إذا كان له في ذاته أن لا يجب له وجود بل هو بإعتبار ذاته ممكن الوجود مستحق للعدم لولا علته والذي بالذات يجب وجوده قبل الذي من غير الذات فيكون لكل معلول في ذاته أولا أنه ليس تم عن العلة وثانيا أنه أيس فيكون كل معلول محدثا أي مستفيدا الوجود من غيره وإن كان مثلا في جميع الزمان موجودا مستفيدا لذلك الوجود عن موجد فهو محدث لأن وجوده من بعد لا وجوده بعدية بالذات وليس حدوثه إنما هو آن من الزمان فقط بل هو محدث في الدهر كله ولا يمكن أن يكون حادثا بعد ما لم يكن في زمان إلا وقد تقدمته المادة فإنه قبل وجوده ممكن الوجود
(١٧٩)