صورة وحيثما كانت النفوس الإنسانية أشد مناسبة للنفوس الفلكية بل وللعقل الفعال كان تأثيرها في الهيولى أشد وأغرب وقد تصفو النفس صفاء شديدا لإستعداد ما للأتصال بالعقول المفارقة فيفيض عليها من العلوم مالا يصل إليه من هو في نوعه بالفكر والقياس فبالقوة الأولى يتصرف في الأجرام بالتقليب والإحالة من حال إلى حال وبالقوة الثانية يخبر عن غيب ويكلمه ملك فيكون ما للإنبياء عليهم السلام وحيا وما للأولياء إلهاما وها نحن نبتدىء القول في الطبيعيات عن الشيخ الرئيس أبي علي بن سينا 3 - في الطبيعيات قال أبو علي بن سينا إن للعلم الطبيعي موضوعا ينظر فيه وفي لواحقه كسائر العلوم وموضوعه الأجسام الموجودة بما هي واقعة في التغير وبما هي موصوفة بأنحاء الحركات والسكونات وأما مبادىء هذا العلم كمثل تركب الأجسام عن المادة والصورة والقول في حقيقتهما ونسبة كل واحد منهمات إلى الثاني فقد ذكرناها في العلم الإلهي والذي يختص من ذلك التركب بالعلم الطبيعي هو أن تعلم أن الأجسام الطبيعية منها أجسام مركبة من أجسام إما متشابهة الصور كالسرير وإما مختلفتها كبدن الإنسان ومنها أجسام مفردة والأجسام المركبة لها أجزاء موجودة بالفعل متناهية وهي تلك الأجسام المفردة التي منها تركبت وأما الأجسام المفردة فليس لها في الحال جزء بالفعل وفي قوتها أن تتجزأ أجزاء غير متناهية كل منها أصغر من الآخر والتجزؤ إما بتفريق الإتصال وإما بإختصاص العرض ببعض منه وإما بالتوهم وإذا لم يكن أحد هذه الثلاثة فالجسم المفرد لا جزء له بالفعل قال ومن أثبت الجسم مركبا من أجزاء لا تتجزأ بالفعل فبطلانه بأن كل جزء مس جزءا فقد شغله بالمس وكل ما شغل شيئا بالمس فإما أن يدع فراغا عن شغله لجهة
(٢٠١)