أحدها انتزاع النفس الكليات المفردة عن الجزئيات على سبيل تجريد لمعانيها عن المادة وعلائقها ولواحقها ومراعاة المشترك فيه والمتباين به والذاتي وجوده والعرضي فيحدث للنفس من ذلك مبادىء التصور وذلك بمعاونة إستعمال الخيال والوهم والثاني إيقاع النفس مناسبات بين هذه الكليات المفردة على مثل سلب وإيجاب فما كان التأليف منها بسلب وإيجاب بينا بنفسه أخذته وما كان ليس كذلك تركته إلى أن يصادف الواسطة والثالث تحصيل المقدمات التجريبية بأن يوجد بالحس محمول لازم الحكم لموضوع او تال لازم لمقدم فيحصل له إعتقاد مستفاد من حس وقياس ما والرابع الأخبار التي يقع بها التصديق لشدة التواتر فالنفس افنسانية تستعين بالبدن لتحصيل هذه المبادىء للتصور والتصديق وأما إذا استكملت النفس وقويت فإنها تنفرد بأفاعيلها على الإطلاق وتكون القوى الحسية والخيالية وغيرها صارفة لها عن فعلها وربما تصير الوسائط والأسباب عوائق قال والدليل على أن النفس الإنسانية حادثة مع حدوث البدن أنها متفقة في النوع والمعنى فإن وجدت قبل البدن فإما أن تكون متكثرة الذوات أو تكون ذاتا واحدة ومحال أن تكون متكثرة الذوات فإن تكثرها اما أن يكون من جهة الماهية والصورة وإما أن يكون من جهة النسبة إلى العنصر والمادة وبطل الأول لأن صورتها واحدة وهي متفقة في النوع والماهية لا تقبل إختلافا ذاتيا وبطل الثاني لأن البدن والعنصر فرض غير موجود قال ومحال أن تكون واحدة بالذات لأنه إذا حصل بدنان حصلت فيهما نفسان فإما أن يكونا قسمي تلك النفس الواحدة وهو محال لأن ما ليس له عظم وحجم لا يكون منقسما وإما أن تكون النفس الواحدة بالعدد في بدنين وهذا لا يحتاج إلى كثير تكلف في إبطاله فقد صح أن النفس تحدث كلما حدث البدن الصالح لإستعمالها إياه ويكون البدن الحادث مملكتها وآلتها ويكون في هيئة جوهر النفس الحادثة مع
(٢٢٥)