في ذلك المباين كالكلام في سائر الأفعال قال والعقل الصريح الذي لم يكذب يشهد أن الذات الواحدة إذا كانت من جميع جهاتها واحدة وهي كما كانت وكان لا يوجد عنها شيء فيما قبل وهي الآن كذلك فالآن لا يوجد عنها شيء فإذا صار الآن يوجد عنها شيء فقد حدث أمر لا محالة من قصد أو إرادة أو طبع أو قدرة أو تمكن أو غرض ولأن الممكن أن يوجد وأن لا يوجد لا يخرج إلى الفعل ولا يترجح له أن يوجد إلا بسلب وإذا كانت هذه الذات موجودة ولا ترجح ولا يجب عنها الترجيح ثم رجح فلا بد من حادث موجب الترجيح في هذه الذات وإلا كانت نسبتها إلى ذلك الممكن على ما كانت قبل ولم تحدث لها نسبة أخرى فيكون الأمر بحاله ويكون الإمكان إمكانا صرفا بحاله وإذا حدثت لها نسبة فقد حدث أمر ولا بد بحاله ويكون افمكان إمكانا صرفا بحاله وإذا حدثت لها نسبة فقد حدث أمر ولا بد من أن يحدث في ذاته أو مباينا عن ذاته وقد بينا إستحالة ذلك وبالجملة فإنا نطلب النسبة الموقعة لوجود كل حادث في ذاته أو مباين عن ذاته ولا نسبة أصلا فيلزم أن لا يحدث شيء أصلا وقد حدث فعلم أنه إنما حدث بإيجاب من ذاته وأنه سبقه لا بزمان ووقت ولا تقدير زمان بل سبقا ذاتيا من محيث إنه هو الواجب لذاته وكل ممكن بذاته فهو محتاج إلى الواجب لذاته فالممكن مسبوق بالواجب فقط والمبدع مسبوق بالمبدع فقط لا بالزمان المسألة الثامنة في أن الواحد لا يصدر عنه إلا واحد وفي ترتيب وجود العقول والنفوس والأجرام العلوية وان المحرك القريب للسماويات نفس والمبدأ الأعلى عقل وحال تكون الأسطقسات عن العلل إذا صح أن واجب الوجود بذاته واحد من جميع جهاته فلا يجوز أن يصدر عنه إلا واحد ولو لزم عنه شيئان متباينان بالذات والحقيقة لزوما معا فإنما يلزمان عن جهتين مختلفتين في ذاته ولو كانت الجهتان لازمتين لذاته فالسؤال في لزومهما ثابت حتى يكونا من ذاته فتكون ذاته منقسمة بالمعنى وقد منعناه وبينا فساده فتبين أن أول
(١٨٧)