وكان يقول إن السماء في النشأة الأخرى تصير بلا كواكب لأن الكواكب تهبط سفلا حتى تحيط بالأرض وتلتهب فيصير متصلا بعضها ببعض حتى تكون كالدائرة حول الأرض وإنما يهبط منها ما كان من أجزائها نارا محضة ويصعد منها ما كان نورا محضا فتبقى النفوس الشريرة الدنسة الخبيثة في هذا العالم الذي أحاط به النار إلى الأبد في عقاب السرمد وتصعد النفوس الشريفة الخالصة الطيبة إلى العالم الذي تمحض نورا وبهاء وحسنا في ثواب السرمد وهناك الصور الحسان لذات للبصر والألحان الشجية لذات للسمع ولأنها أبدعت بلا توسط مادة وتركب أسطقسات فهي جواهر شريفة روحانية نورانية وقال إن الباري تعالى يمسح تلك الأنفس في كل دهر مسحة فيتجلى لها حتى تنظر إلى نوره المحض الخارج من جوهره الحق فحينئذ يشتد عشقها وشوقها ونورها ومجدها فلا تزال كذلك ذائما أبد الأبد 7 - رأي أبيقورس خالف الأوائل في الأوائل قال المبادىء اثنان الخلاء والصورة أما الخلاء فمكان فارغ وأما الصورة فهي فوق المكان والخلاء ومنها أبدعت الموجودات وكل ما كون منها فإنه ينحل إليها فمنها المبدأ وإليها المعاد وربما يقول الكل يفسد وليس بعد الفراق حساب ولا قضاء ولا مكافأة ولا جزاء بل كلها تضمحل وتدثر والإنسان كالحيوان مرسل مهمل في هذا العالم والحالات التي ترد على الأنفس في هذ العالم كلها من تلقائها على قدر حركاتها وأفاعيلها فإن فعلت خيرا وحسنا فيرد عليها سرور وفرح وإن فعلت شرا وقبيحا فيرد عليها حزن وترح وإنما سرور كل نفس بالأنفس الأخرى وكذا حزنها مع الأنفس الأخرى بقدر ما يظهر لها من أفاعيلها وتبعه جماعة من التناسخية على هذا الرأي
(١٠٣)