أرسطو طاليس في جميع ماذهب إليه وإنفرد به سوى كلمات يسيرة ربما رأوا فيها رأي أفلاطون والمتقدمين ولما كانت طريقة ابن سينا أدق عند الجماعة ونظره في الحقائق أغوص اخترت نقل طريقته من كتبه على إيجاز وإختصار كأنها عيون كلامه ومتون مرامه وأعرضت عن نقل طرق الباقين وكل الصيد في جوف الفرا 1 - ابن سينا كلامه في المنطق قال أبو علي الحسين بن عبد الله بن سينا العلم إما تصور وإما تصديق أما التصور فهو العلم الأول وهو ان تدرك أمرا ساذجا من غير أن تحكم عليه بنفي أو إثبات مثل تصورنا ماهية الإنسان وأما التصديق فهو أن تدرك أمرا وأمكنك أن تحكم عليه بنفي أو إثبات مثل تصديقنا بأن للكل مبدأ وكل واحد من القسمين منه ماهو أولى ومنه ماهو مكتسب فالتصور المكتسب إنما يستحصل بالحد وما يجري مجراه والتصديق المكتسب إنما يستحصل بالقياس وما يجري مجراه فالحد والقياس آلتان بهما تحصل المعلومات التي لم تكن حاصلة فتصير معلومة بالروية وكل واحد منهما منه ماهو حقيقي ومنه ماهو دون الحقيقي ولكنه نافع منفعته بحسبه ومنه ماهو باطل مشتبه بالحقيقي والفطرة الإنسانية غير كافية في التمييز بين هذه الأصناف إلا أن تكون مؤيدة من عند الله عز وجل فلا بد إذن للناظر من آلة قانونية تعصمه مراعاتها عن أن يضل في فكره وذلك هو الغرض من المنطق ثم إن كل واحد من الحد والقياس فمؤلف من معان معقولة بتأليف محدود فيكون لها مادة منها ألفت وصورة بها التأليف والفساد قد يعرض من إحدى الجهتين وقد يعرض من جهتيهما معا فالمنطق هو الذي نعرف به من أي المواد والصور يكون الحد الصحيح والقياس السديد الذي يوقع يقينا ومن أيها ما يوقع عقدا شبيها باليقين ومن أيها ما يوقع ظنا غالبا ومن أيها ما يوقع مغالطة وجهلا وهذه فائدة المنطق ثم لما
(١٥٩)