والأجسام السماوية لا تقبل الحركة المستقيمة كما سبق فهي متحركة على الإستدارة وقد بينا إستناد حركاتها إلى مبادئها وأما الكيف فنقول أولا إن الأجسام السماوية ليست موادها مشتركة بل هي مختلفة بالطبع كما أن صورها مختلفة ومادة الواحدة منها لا يصلح أن تتصور بصورة الأخرى ولو أمكن ذلك كذلك لقلبت الحركة المستقيمة وهو محال فلها طبيعة خامسة مختلفة بالنوع بخلاف طبائع العناصر فإن مادتها مشتركة وصورها مختلفة وهي تنقسم إلى حار يابس كالنار وإلى حار رطب كالهواء وإلى بارد رطب كالماء وإلى بارد يابس كالأرض وهذه أعراض فيها لا صور ويقبل الاستحالة بعضها إلى بعض ويقبل النمو والذبول ويقبل الآثار من الأجسام السماوية وأما الكيفيات فالحرارة والبرودة فاعلتان فالحار هو الذي يغير جسما آخر بالتحليل والخلخلة بحيث يألم الحاس منه والبارد هو الذي يغير جسما بالتعقيد والتكثيف بحيث يألم الحاس منه واما الرطوبة واليبوسة فمنفعلتان فالرطب هو سهل القبول للتفريق والجمع والتشكيل والدفع واليابس هو عسر القبول لذلك فبسائط الأجسام المركبة تختلف وتتمايز بهذه القوى الأربع ولا يوجد شيء منها عديما لواحدة من هذه وليست هذه صورا مقومة للأجسام لكنها إذا تركت وطباعها ولم يمنعها مانع من خارج ظهر منها في أجرامها حر أو برد ورطوبة أو يبس كما أنها تركت وطباعها ولم يمنعها مانع ظهر منها إما سكون أو ميل وحركة فلذلك قيل قوة طبيعية وقيل النار حارة بالطبع والسماء متحركة بالطبع فعرفت الأحياز الطبيعية والأشكال الطبيعية والحركات الطبيعية والكيفيات الطبيعية وعرفت أن إطلاق الطبيعية عليها بأي وجه فنقول بعد ذلك إن العناصر قابلة للإستحالة والتغير وبينها مادة مشتركة والاعتبار في ذلك بالمشاهدة فإنا نرى الماء العذب انعقد حجرا جلمدا والحجر يكلس فيعود رمادا ويرام بالحيلة حتى يصير ماء فالمادة مشتركة بين الماء والأرض ونشاهد هواء صحوا يغلظ دفعة فيستحيل أكثره أو كله ماء وبردا
(٢١١)