الأجسام السماوية وإن كان تشبه السافل بالعالي إذ لو كان كذلك لكانت الحركة من نوع حركة ذلك الجسم ولم يكن مخالفا له وأسرع في كثير من المواضع ولا يجوز أن يكون الغرض شيئا يوصل إليه بالحركة بل شيئا مباينا غير جواهر الأفلاك من موادها وأنفسها وبقى أن يكون لكل واحد من الأفلاك شوق تشبه بجوهر عقلي مفارق يخصه وتختلف الحركات وأفعالها وأحوالها إختلافها الذي لها لأجل ذلك وإن كنا لا نعرف كيفيتها وكميتها وتكون العلة الأولى متشوق الجميع بالاشتراك وهذا معنى قول القدماء إن للكل محركا واحدا معشوقا ولكل كرة محركا يخصها ومعشوقا يخصها فيكون إذن لكل فلك نفس محركة تعقل الخير ولها بسبب الجسم تخيل أي تصور للجزئيات وإرادة لها ثم يلزمها حركات ما دونها لزوما بالقصد الأول حتى تنتهي إلى حركات الفلك الذي يلينا ومدبرها العقل الفعال ويلزم الحركات السماوية حركات العناصر على مثال تناسب حركات الأفلاك وتعد تلك الحركات موادها لقبول الفيض من العقل الفعال فيعطيها صورها على قدر إستعدادتها كما قررنا فقد تبين لك أسباب الحركات ولوازمها وستعلم بواقيها في الطبيعات المسألة التاسعة في العناية الأزلية وبيان دخول الشر في القضاء قال العناية هي كون الأول عالما لذاته بما عليه الوجود من نظام وعلة لذاته للخير والكمال بحسب الإمكان وراضيا به على النحو المذكور فيعقل نظام الخير على الوجه الأبلغ في الإمكان فيفيض منه ما يعقله نظاما وخيرا على الوجه الأبلغ الذي يعقله فيضانا على أتم تأدية إلى النظام بحسب الإمكان فهذا هو معنى العناية والخير يدخل في القضاء الإلهي دخولا بالذات لا بالعرض والشر بالعكس منه وهو على وجوه فيقال شر لمثل الألم والغم ويقال شر لمثل الشرك والظلم والرياء وبالجملة الشر بالذات هو العدم ولا كل عدم بل عدم مقتضي طباع الشيء من الكمالات الثابتة لنوعه وطبيعته والشر بالعرض هو المعدم والحابس للكمال عن مستحقه والشر بالذات ليس بأمر حاصل إلا أن
(١٩٤)