الحركات المنتقل بها في الأوضاع وهي كأنها عبادة ملكية أو فلكية وليس من شرط الحركة الإرادية أن تكون مقصودة في نفسها بل إذا كانت القوة الشوقية تشتاق نحو أمر يسيح منها تأثير تتحرك له الأعضاء فتارة على النحو الذي يوصل به إلى الغرض وتارة على نحو آخر متشابه وإذا بلغ الإلتذاذ بتعقل المبدأ الأول وبما يدرك منه على نحو عقلي أو نفساني شغل ذلك عن كل شيء ولكن ينبعث منه ما هو أدون منه في المرتبة وهو الشوق إلى الأشبه به بقدر الأمكان فقد عرفت أن الفلك متحرك بطبعه ومتحرك بالنفس ومتحرك بقوة عقلية غير متناهية وتميزت عندك كل حركة عن صاحبتها وعرفت أن المحرك الأول لجملة السماء واحد ولكل كرة من كرات السماء محرك قريب يخصه ومتشوق معشوق يخصه فأول المفارقات الخاصة محرك الكرة الأولى وهي على قول من تقدم بطليموس كرة الثوابت وعلى قول بطليموس كرة خارجة عنها محيطة بها غير مكوكبة وبعد ذلك محرك الكرة التي تلي الأولى ولكل واحدة مبدأ خاص وللكل مبدأ فلذلك تشترك الأفلاك في دوام الحركة وفي الإستدارة ولا يجوز أن يكون شيء منها لأجل الكائنات السافلة لا قصد حركة ولا قصد جهة حركة ولا تقدير سرعة وبطء بل ولا قصد فعل البتة لأجلها وذلك أن كل قصد فيكون من أجل المقصود ويكون أنقص وجودا من المقصود لأن كل ما لأجله شيء آخر فهو أتم وجودا من الآخر ولا يجوز أن يستفاد الوجود الأكمل من الشيء الخس فلا يكون البتة إلى معلول قصد صادق وإلا كان القصد معطيا ومفيدا لوجود ماهو أكمل إنما يقصد بالواجب شيء يكون القصد مهيئا له ومفيد وجوده شيء آخر وكل قصد ليس عبثا فإنه يفيد كمالا ما لقاصد لو لم يقصد لم يكن ذلك الكمال ومحال أن يكون المعلول المستكمل وجوده بالعلة يفيد العلة كمالا لم يكن فالعالي إذن لا يريد أمرا لأجل السافل وإنما يريده لما هو أعلى منه وهو التشبه بالأول بقدر الإمكان ولا يجوز أن يكون الغرض تشبها بجسم من
(١٩٣)