المعقولات والتخلق بالأخلاق الحسنة حتى يجاوز الحد الذي في مثله يقع في الشقاوة الأبدية وأي تصور وخلق يوجب له الشقاء المؤبد وأي تصور وخلق يوجب له الشقاء المؤقت قال فليس يمكنني أن أنص عليه إلا بالتقريب وليته سكت عنه وقد قيل فدع عنك الكتابة لست منها ولو وسودت وجهك بالمداد قال وأظن أن ذلك أن يتصور نفس الإنسان المبادىء المفارقة تصورا حقيقيا ويصدق بها تصديقا يقينيا لوجودها عنده بالبرهان ويعرف العلل الغائية للأمور الواقعة في الحركات الكلية دون الجزئية التي لا تتناهى ويتقرر عنده هيئة الكل ونسب أجزائه بعضها إلى بعض والنظام الآخذ من المبدأ الأول إلى أقصى الموجودات الواقعة في ترتيبه ويتصور العناية وكيفيتها ويتحقق أن الذات المتقدمة للكل أي وجود يخصها وأية وحدة تخصها وأنها كيف تعرف حتى لا يلحقها تكثر وتغير بوجه وكيف ترتيب نسب الموجودات إليها وكلما إزداد استبصار ازاداد للسعادة إستعدادا وكأنه ليس يتبرأ الإنسان عن هذا العالم وعلائقه إلا أن يكون قد أكد العلاقة مع ذلك العالم فصار له شوق وعشق إلى ما هناك يصده عن الالتفات إلى ما خلفه جملة ثم إن النفوس والقوى الساذجة التي لم تكتسب هذا الشوق ولا تصورت هذه التصورات فإن كانت بقيت على ساذجيتها واستقرت فيها هيئات صحيحة إقناعية وملكات حسنة خلقية سعدت بحسب ما اكتسبت أما إذا كان الأمر بالضد من ذلك أو حصلت أوائل الملكية العلمية وحصل لها شوق قد تبع رأيا مكتسبا إلى كمال حالها فصدها عن ذلك عائق مضاد فقد يبقى الشقاء الأبدي وهؤلاء إما مقصرون في السعي لتحصيل الكمال الإنساني وأما معاندون متعصبون لآراء فاسدة مضادة للآراء الحقيقية والجاحدون أسوأ حالا والنفوس البله أدنى من الخلاص من فطانة بتراء لكن النفوس إذا فارقت وقد رسخ فيها نحو من الإعتقاد في العاقبة على مثل ما يخاطب به العامة ولم يكن لهم معنى جاذب إلى الجهة التي فوقهم لا كمال فتسعد تلك
(١٩٨)