كعب: ممن هو؟ فقال: من أهل الشام، قال: لعلك من الجند الذين يدخل الجنة منهم سبعون ألفا بغير حساب ولا عذاب. قال: ومن هم قال: أهل دمشق.
فقال: لست منهم؟ قال: فلعلك من الجند الذين ينظر الله إليهم في كل يوم مرتين.
قال: ومن هم؟ قال: أهل فلسطين. قال: أنا منهم، وقال كعب: الشام صفوة الله من بلاده يجتبي صفوته من عباده، فمن خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه، ومن دخلها فبرحمته.
وقدر معاوية هذه اليد الجليلة لكعب وأخذ يغمره بأفضاله، وقد عرف من تاريخ هذا الكاهن أنه تحول إلى الشام في عهد عثمان وعاش تحت كنف معاوية، فاستصفاه لنفسه وجعله من خلصائه لكي يروي من أكاذيبه وإسرائيلياته ما شاء أن يروي في قصصه لتأييده وتثبيت قوائم دولته (1).
وقد ذكر ابن حجر العسقلاني في الإصابة أن معاوية هو الذي أمر كعبا بأن يقص في الشام (2).
ويكون قول كعب من خرج من الشام إلى غيرها فبسخطه ومن دخلها فبرحمته بمثابة فتوى من كعب لمريديه بوجوب سكن الشام؟! فهو يدعو المسلمين إلى سكن الشام ليقوى جيش معاوية، ويطلب من اليهود سكن الشام لتقوى شوكتهم؟!
وقال أبو هريرة تلميذ كعب الأحبار: لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أبواب دمشق وما حولها، وعلى أبواب بيت المقدس وما حولها، لا يضرهم خذلان من خذلهم، ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة (3).