وقال الشيخ محمود أبو رية: (.. وقد كان أقوى هؤلاء الكهان دهاء وأشدهم مكرا، كعب الأحبار ووهب بن منبه، وعبد الله بن سلام.
ولما وجدوا أن حيلهم قد راجت بما أظهروه من كاذب الورع والتقوى، وأن المسلمين قد سكنوا إليهم، واغتروا بهم، جعلوا أول همهم أن يضربوا المسلمين في صميم دينهم، وذلك بأن يدسوا إلى أصوله التي قام عليها ما يريدون من أساطير وخرافات، وأوهام وترهات، لكي تنتهي هذه الأصول وتضعف.
فلما عجزوا عن أن ينالوا من القرآن الكريم لأنه قد حفظ بالتدوين، واستظهره آلاف من المسلمين، وأنه قد أصبح بذلك في منعة من أن يزاد فيه كلمة أو يدس إليه حرف اتجهوا إلى التحديث عن النبي (صلى الله عليه وآله)، فافتروا ما شاءوا أن يفتروا عليه أحاديث لم تصدر عنه.
وأعانهم على ذلك أن ما تحدث به النبي (صلى الله عليه وآله) في حياته لم يكن محدد المعالم، ولا محفوظ الأصول، لأنه لم يكتب في عهده صلوات الله عليه كما كتب القرآن، ولا كتبه صحابته من بعده، وأن في استطاعة كل ذي هوى أو دخلة سيئة، أن يدس إليه بالافتراء، ويسطوا عليه بالكذب.
ويسر لهم كيدهم أن يجدوا الصحابة يرجعون إليهم في معرفة ما لا يعلمون من أمور العالم الماضية.
قال ابن الجوزي: لما لم يستطع أحد أن يدخل في القرآن ما ليس منه أخذ أقوام يزيدون في الحديث ما لم يقل (1).
... وبواسطة كعب وابن منبه وسواهما من اليهود الذين أسلموا تسربت إلى الحديث طائفة من أقاصيص التلمود (الإسرائيليات)، وما لبثت هذه الروايات أن