القلوب وتأباه النفوس فيلقي التبعة على أبي بكر وعمر فاسمعه في محاكمته واسمع الشهود عليه من أتباعه. راجع ما مر من أعماله في الكتاب السابع، وراجع اعترافه برسالته إلى محمد بن أبي بكر المارة، بأنه إنما بلغ ما بلغ وعمل ما عمل واتبع ما اتبع إنما باتباعه أبا بكر وعمر واقتدائه بأقوالهما وأعمالهما ووصاياهما وهما اللذان سلطاه وخولاه ونصباه ومداه عارفين عامدين، وهما اللذان منعا الحديث ليدون كي يعمل في عهده ما عمله من الدس والتحريف، وما نسبه لهما إنما هو اعترافه بفضلهما ومنتهما عليه، وتفويضهما إليه مداه وأوصياه وجهزاه وأولياه فهما القدوة، وهو المقتدى، وهما هداته وهو المهتدى.
وهما اللذان ربيا له من الفجرة من شد أزره، وأيد نصره، وأقام حكمه وقضى على خصمه، وقد شهد بما لعلي (عليه السلام) وآله من المكرمات، وأنهما غصباه وأغضباه وأحلا به الشدائد وقصدا به المعضلات والمكايد. وهما به الهموم وألبا عليه الخصوم، وحجرا على الصحابة حتى لا تجد من روى حديثا عن رسول الله أو فسر شيئا من كلام إلا خاف عمر ودرته وخشي غضبه وصولته. فهما علماه القسوة وربياه على إذلالهم بالسطوة، وقطع دابر آل محمد وشيعتهم ورفع مقام خصومهم ومنعتهم.
وما عثمان وخلافته إلا جسرا أراد بها الوصول إلى خلافته وفرض سلطته، وقطع دابر الأبرار الصالحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر.
فما مددت يدي إلى صحابي أو تجاسرت على عترة أو قاتلت من قاتلت فقد سبقاني، وضرب مثلا بما فعلاه مع فاطمة وبعلها من غصب وقطع وإغضاب، وما فعله من تزوير وتحوير ودس وتحريف فقد بدأ به من منع الرواية والحديث وتدوينها وإطلاق لسان عائشة وأمثالها، لتقول ما تشاء وتتحدث ما تريد بتناقض بل وأشد من ذلك.