وكم سمع علي (عليه السلام) من عثمان، وهو الصابر الحليم الحكيم، القرع والكلمات القاسية والأفعال المشينة، من إبعاده مرارا إلى الينبع، ومر ذكر بعضها.
وهذا عثمان الذي لا يجهل مكانة علي (عليه السلام) من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) يخاطب عليا (عليه السلام) دفاعا عن مروان الملعون على لسان الله ورسوله (صلى الله عليه وآله): " ما أنت بأفضل عندي من مروان ولم لا يشتمك " (1).
وقول علي (عليه السلام) لابن عباس يوم طلب عثمان تسفير علي (عليه السلام) إلى الينبع: والله لقد دفعت عن عثمان حتى خشيت أن أكون آثما.
وهو يرى تلاعب وتوليته ولاته من آل أمية وأشقى خلق الله، والعبث بأموال المسلمين وصرفها على بني أمية وهو منهم.
وما أحلى كلمة علي (عليه السلام) لعثمان: يا عثمان! إن الحق ثقيل مرئ، وإن الباطل خفيف وبئ، وأنت متى تصدق تسخط، ومتى تكذب ترضى (2).
جاء في الرياض النظرة ج 2 ص 129: " إن عثمان دعا عليا فقال:
يا أبا الحسن أنك لو شئت لاستقامت علي هذه الأمة، فلم يخالفني واحد. فقال علي: لو كانت لي أموال الدنيا وزخرفها ما استطعت أن أدفع عنك أكف الناس، ولكني سأدلك على أمر هو أفضل مما سألتني. تعمل بعمل أخويك أبي بكر وعمر، وأنا لك بالناس لا يخالفك أحد ".
وذلك أهون الشرين بنظر الإمام.
من هذا الكلام يظهر أن عثمان يعرف أن الأمة تثق بعلي وتميل إليه وتصدقه.