المقتول فإنه كان يقال: يقتل في هذه الأمة إمام يفتح عليها القتل والقتال إلى يوم القيامة، ويلبس أمورها عليها، ويثبت الفتن فيها، فلا يبصرون الحق من الباطل، يموجون فيها موجا، ويمرحون فيها مرحا، فلا تكونن لمروان سيقة يسوقك حيث شاء بعد جلال السن وتقضي العمر ".
فأجابه عثمان: كلم الناس في أن يؤجلوني حتى أخرج إليهم من مظالمهم.
فقال علي (عليه السلام): ما كان في المدينة فلا أجل فيه، وما غاب فأجله وصول أمرك إليه.
ترى كيف تكلم علي (عليه السلام) وكيف وجه لعثمان أفعاله وجوره! فأجابه عثمان معترفا، وقد ثبت أنه إمام جائر وأنه مطية لمروان يسوقه كيف شاء حتى قتله بنقضه واستمراره لنكث النصوص والسنن والعهود وسيرة من سبقه، وإظهار البدع، وكيف استماله علي (عليه السلام) وجعله يذعن ويقر بما صنع، وأنه سيرد المظالم، بيد سرعان ما نكث.
وترى رأي علي (عليه السلام) أوضح حينما بويع في الخلافة وأرسل مالك الأشتر لمصر، كتب لهم قائلا:
من عبد الله علي أمير المؤمنين إلى القوم الذين غضبوا لله حين عصى في أرضه، وذهب بحقه، فضرب الجور سرادقه على البر والفاجر، والمقيم والظاعن، فلا معروف يستراح إليه ولا منكر يتناهى عنه (1).
وأما خطبته الشقشقية فترى فيها التظلم من الثلاثة أخص عثمان، وقوله في عثمان فيها: إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن انتكث عليه فتله وأجهز عليه عمله وكبت به بطنته.