الفقر والديون (1).
ومن المنافقين الذين سوف يحاسب على أمواله ولا مغنم له عند علي عمرو بن العاص، كتب لمعاوية:
أيها معاوية ما كنت صانعا فاصنع إن قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر العصا لحاها.
وما أحلى هذه الكلمة من ابن العاص، فهو إذ يشهد على عدل علي (عليه السلام) يشهد على أن كلما عند معاوية فهو سحت من أموال المسلمين مما جمعه من الصدقات والخمس وأمثالهما، فتثور ثائرتهم ويتكتلون.
ولقد مر وقلنا أن الأموال المفروض أخذها وإرجاعها لذوي الحق، وهي أربعة الصدقات والخمس والأنفال والتركات، ولها نصوص في الكتاب وسنة تفصيلية.
ورأينا كيف أن عثمان لم يعرها أبدا رعاية، وأن هناك آيات أخرى كان يجاهر بها الصحابة البررة، أخص أبو ذر منها قوله تعالى في سورة التوبة، الآية (34) * (والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم) *.
وقوله تعالى في سورة التوبة، الآية (35): * (يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم) *.
وقوله تعالى في سورة الفرقان، الآية (67): * (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما) *.
وإنما يقصد ذلك الذين ينفقون من أموالهم الخاصة، وترى ليس للمرء أن يسرف حتى في أمواله، بيد أن عثمان عد الصدقات والخمس والأنفال أمواله الخاصة، ورغم ذلك يقدم مئات الألوف لغير مستحقيها من أعداء الشريعة.