ونعرف كذلك أن عثمان قد خرج حتى عن سيرة أبي بكر وعمر.
وليس معنى هذا أن عليا (عليه السلام) يرى أن الخليفتين اتبعا حدود الله، ولكنها أهون الشرين، فهما خلطا ولم يتجاوزا مثل عثمان، الذي مال إلى بني أمية وملكهم بيوت الأموال، وسلطهم على رقاب الناس، وإن كان هذا نتيجة أعمالهما المقصودة.
وهاك كلمة الإمام علي (عليه السلام) لعثمان يوم تألب الناس عليه وأرسلوه وسيط منهم إلى عثمان، قال يخاطب عثمان (1):
" إن الناس ورائي وقد استفسروني بينك وبينهم، ووالله ما أدري ما أقول لك، ما أعرف شيئا تجهله، ولا أدلك على أمر لا تعرفه، إنك لتعلم ما نعلم، ما سبقناك إلى شئ فنخبرك عنه، ولا خلونا بشئ فنبلغكه، وقد رأيت كما رأينا، وسمعت كما سمعنا، وصحبت رسول الله كما صحبنا، وما ابن أبي قحافة ولا ابن الخطاب بأولى بعمل الحق منك، وأنت أقرب إلى رسول الله وشيجة رحم منهما، وقد نلت من صهره ما لم ينالا، فالله الله في نفسك، فإنك والله ما تبصر عن عمى، ولا تعلم من جهل، وأن الطرق لواضحة، وأن أعلام الدين لقائمة، فأعلم أن أفضل عباد الله عند الله إمام عادل هدي وهدى، فأقام سنة معلومة وأمات بدعة مجهولة، وإن السنن لنيرة لها أعلام، وأن البدع لظاهرة لها أعلام، وأن شر الناس عند الله إمام جائر، ضل وضل به، فأمات سنة مأخوذة وأحيى بدعة متروكة، وأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: يؤتى يوم القيامة بالإمام الجائر وليس معه نصير ولا عاذر فيلقى في نار جهنم فيدور فيها كما تدور الرحى، ثم يرتبط في قعرها، وإني أنشدك الله أن تكون إمام هذه الأمة