ويجبي معاوية بن أبي سفيان الأموال ليدخرها ويكنزها ويبني بها القصور، ويدخرها لتقديمها للوقيعة بالمسلمين وإقامة الفتن وشراء الضمائر، وجمع الخونة حوله.
ويقدم لمروان خمس غنائم إفريقيا، ولأبي سفيان وابن أبي سرح والحارث وسعيد لكل منهم مئات الألوف من بيت مال المسلمين دون أن يردعه دين أو ضمير أو ضجة وصخب الصحابة واعتراضاتهم، الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، بل صم أفواه المتظلمين مهما بلغوا من المكانة والتقوى والعلم والسابقة والاخلاص والتضحية، بالقهر والقوة والإهانة والتنكيل حتى القتل.
وهذا عثمان مثل سلفيه منع الخمس من بني هاشم، وهم محرومون من الصدقات، وعاد وسلب من آل البيت فدكا وأعطاها لمروان، فنرى آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبنو هاشم أقل أفراد المسلمين صلة.
جاء عن جبير بن مطعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لما قسم سهم ذي القربى بين بني هاشم وبني المطلب، قال جبير: أتيته ومعي عثمان، فقلت: يا رسول الله، هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله به منهم، أرأيت بني المطلب أعطيتهم ومنعتنا؟ وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة. فقال: إنهم لم يفارقوني!
ولم يفارقونا في جاهلية ولا إسلام، وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شئ واحد.
وشبك بين أصابعه ولم يقسم لبني عبد الشمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس شيئا (1).
أنظر إلى عثمان وهو يعلم كيف احتف بنو هاشم برسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم قاطعته قريش بتحريض بني عبد الشمس وواصلوه وآمنوا به، وكيف أن بنو أمية حاربوه،