تلك سيرته مع أبي ذر، وهذه سيرة عثمان مع عمار، ولا يخفى عن عثمان ما رواه رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيه، وما نزل فيه من الكتاب، وبالتالي تقتل عمار الفئة الباغية أولاد عم عثمان، أولئك الذين رباهم ومدهم بالغي والعدوان، وسلطهم على رقاب الصحابة البررة، والظالمين بعضهم أولياء بعض والله ولي المتقين، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
مع المقداد:
وما أجل المقداد عند الله ورسوله! فهو من السابقين الأتقياء والأوابين على لسان رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والذي لا تأخذه في الله لومة لائم.
قال (صلى الله عليه وآله): " أمرني الله بحب أربعة: علي والمقداد وأبو ذر وسلمان ".
وقوله (صلى الله عليه وآله): " الجنة تشتاق إلى أربعة: علي وعمار وسلمان والمقداد ".
وهو من المهاجرين السابقين، هاجر الهجرتين وشهد بدرا وكل المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو من النجباء الأربعة عشر، وزراء رسول الله (صلى الله عليه وآله) ورفاقه (1).
من أولئك الأفذاذ الذين لم يغرهم الدرهم والدينار ومباهج الدنيا، فضلوا كما كانوا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) على العهد مخلصين لدين الله، ومؤازرين آل الله، كما أمر النبي الكريم (صلى الله عليه وآله).
وهو القائل يوم الشورى يوم بويع عثمان وهو جاثيا على ركبتيه في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يتلهف تلهف من كانت الدنيا له فسلبوها منه: " واعجبا لقريش ودفعهم هذا الأمر عن أهل بيت نبيهم! وفيهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وابن عم رسول الله (صلى الله عليه وآله)، أعلم الناس وأفقههم في دين الله، وأعظمهم عناء في الإسلام، وأبصرهم