وداء نسيانه لربه وأهدافه يصل به إلى حد أن ينسي اتجاهه الذي حدده في صباح يومه. أفترى يستقيم أمر هذا الإنسان إلا بوقفات طوال الطريق يتأمل فيها الوجود ويعرف موقعه منه ويتكلم مع مليكه عز وجل ليؤكد اتجاهه من جديد ويستمر في مسيرته على هدى؟.
إن داء النسيان للقاعدة والهدف هو خصيصة طبيعية للإنسان لكنها خصيصة إنسانية الإنسان وسر قدرته على الجهد والمعاناة آخذا بيد نفسه إلى تكامله، مربيا نفسه على الاحتفاظ بالقاعدة المركزية التي آمن بها واتخذها محورا لوجوده بوقفات ترو وتجديد للميثاق مع الله. وقفات هي سند للقلب وزاد المسير، جاءت بصيغتها الإسلامية الخالدة آية في العطاء والإبداع، شكلا ومضمونا.
المبدأ أي مبدأ، ما دام طريقة عيش لهذا الكائن الناسي فلا بد أن يتضمن عملا تركيزيا دائبا يمكن الإنسان من مواكبته في حركته الدائبة.
والفرق كبير بين حاجة المبدأ إلى الإعلام ووسائله المتنوعة، وبين حاجته إلى عملية تربوية من هذا النوع. فالإعلام حاجة من أجل إيصال القاعدة والمفاهيم والقوانين إلى الأذهان حاجة من أجل الاقناع النظري، وهي ضرورة كبيرة دون شك، ولكن الضرورة الأكبر منها هي التركيز التربوي في تعامل الإنسان بالمبدأ، والتركيز هذا لا بد أن يقوم به الإنسان نفسه، أن يتبناه في معاناة ذاتية يومية يؤكد فيها اعتقاده بالمبدأ ويشرب عروقه بمفاهيمه.
وذلك ما لا تنهض به وسائل الإعلام مجتمعة.
قد يمكن للمبادئ غير الإسلامية أن تضع لنفسها صلوات وتفرض أدائها على الشعوب المؤمنة بها والخاضعة لها، ولكن أنى لها بالقاعدة الفكرية المركزية الصالحة التي تستطيع أن تحقق بها النجاح في صلواتها كما استطاع الإسلام ويستطيع أن يحقق بصلاته.
إنه مهما امتلكت هذه المبادئ من وسائل الإعلام ومهما ابتكرت للحفاظ