حتى في صورة الشرط، فلا يلغو الاستثناء.
وأما الثاني فلأن أدلة المباحات غالبا - بل لا يكاد يوجد خلافه - تدل على حلية الأشياء بعناوينها مجردا عن عروض العناوين ذات المصالح والمفاسد، بل قد عرفناك سابقا أن اطلاقها لمثل هذه العناوين غير معقول، لفرض كون الإباحة الناشئة عن طباع موضوعاتها من باب اللااقتضاء فلا يجامع ما له الاقتضاء قطعا، فالشرط حينئذ نافذ لعدم المعارضة، فلا شأن للاستثناء حينئذ، وأما الإباحة التي لا يرفعها رافع لحكمة في نفسها فلو ثبتت في مورد فإنما تثبت بدليل خاص مثل ما ورد في شرط عدم التسري ونحوه، وهو لا يعارضه عموم دليل الشرط لأخصيته ونصوصيته ولو لم يكن هناك استثناء.
وهذا البيان في الاشكال على الاستثناء أولى مما أفاده (قدس سره) حيث قال (والوقوف مع الدليل الخارج الدال على فساد الاشتراط يخرج الرواية عن سوقها لبيان ضابطة الشروط عند الشك، إذ مورد الشك حينئذ محكوم بالصحة... الخ)، وذلك لأن فائدة الاستثناء ما ذكرنا، لا لأن يكون ضابطة لموارد الشك، بداهة أن الحكم إذا كان مشكوك الحال من حيث القبول للتغير بالشرط وعدمه لا يكون الاستثناء ضابطة يستعلم بها حال المشكوك، فالأولى تقريب الاشكال على ما ذكرنا.
ولا مدفع له إلا أن يقال أن الاستثناء فائدته قولا كليا ما ذكرنا، وهو دفع المعارضة به بين دليل الشرط وأدلة الأحكام المطلقة الفعلية، وإن لم نظفر في الخارج بمثل ذلك في طرف المباحات، مع احتمال أن يكون موارد كثيرة كذلك ولم تصل إلينا، والله العالم.
- قوله (رحمه الله): (بل نفس استثناء الشرط المحلل للحرام... الخ) (1).
لعله سهو من قلمه الشريف لما صرح به سابقا (2) وسيصرح به من أن المراد بالحلال والحرام ما كان كذلك مطلقا حتى مع الاشتراط وهو أيضا كذلك، لأنه القابل للاستثناء في الطرفين.