إن كان الفسخ الحقيقي منافيا للتصرف فلا ريب في أن الأذن فيه إذن في ابطال حقه فتفويته مستند إليه، كما في إذن المرتهن في بيع الراهن فإنه إذن في ابطال حقه، غاية الأمر أنه ما لم يتحقق التصرف المنافي لم يبطل حق الخيار هنا وحق الرهانة هناك، إذ المنافي هو التصرف دون نفس الإذن، بخلاف ما لو دل الإذن عرفا على الإجازة والامضاء المسقطين لحق الخيار، فإن نفس الإذن ينفي الحق، إما لكونه أعمالا لأحد طرفيه فلا يبقى، أو لكونه اسقاطا له.
وإن كان الفسخ الحقيقي ملائما للتصرف، أما للوجه الذي قدمناه، أو لصحة تقدير رجوع العين في تحقق الفسخ فحينئذ لا وجه لسقوط الخيار بالتصرف، إذ لا تنافي على الفرض حتى يكون صحة التصرف المأذون فيه مفوتا للحق لكونه اعداما لمورده وهي العين.
ودعوى: أن الانتقال إلى البدل فرع الرجوع إلى العين ولو تقديرا، والرجوع فرع بقاء الحق بالإضافة إلى العين، وهو لا يجتمع مع الإذن في التصرف فيها.
مدفوعة: بأن الإذن في التصرف فيها ينافي إرادة الفسخ والرجوع إلى العين تحقيقا، ولا ينافي الرجوع إليها تقديرا، وبالجملة الرجوع مناف للإذن إذا تعلقا بأمر واحد، ومتعلق الإذن هي العين بوجودها التحقيقي، ومتعلق الرجوع وجودها التقديري ولا منافاة.
المبيع يملك بالعقد - قوله (رحمه الله): (ويدل عليه لفظ الخيار في قولهم (عليهم السلام) البيعان بالخيار)... الخ (1).
هذا إذا كان الخيار بمعنى حق استرجاع الملك، وأما لو كان بمعنى حق فسخ العقد فلا، ولا سيما على مذاقه (رحمه الله) في حقيقة العقد، ولذا لم يتمسك (رحمه الله) باطلاق (أوفوا بالعقود) لما أفاده (رحمه الله) في مبحث الفضولي (2) وهو أن تمامية موضوع وجوب الوفاء بالعقد بتمامية العقد ولو لم يؤثر في الملك فيجب عليه الوفاء ويحرم عليه