ومن الواضح أن عدم المخالفة بنحو الرابط والمحمولي ليس أحدهما عين الآخر، وإنما هما متلازمان عقلا، فأصالة عدم المخالفة بنحو العدم المحمولي لا يقتضي عدم كون الشرط مخالفا - وهو عنوان الخاص - إلا بالملازمة العقلية، حيث إن اتصاف الشئ بعنوان المخالف وعدمه بقيام مبدء المخالفة به وعدمه قطعا.
قلت: نعم الفراغ عن حكم الخاص لازم لكنه لا يتوقف الفراغ عنه ونفيه على نفي عنوانه، بل ربما يتحقق الفراغ عنه بالمضادة بين حكمي العنوان الثابت بالوجدان والأصل وعنوان الخاص وتقريبه:
إن المستثنى منه نفس عنوان الشرط بأي عنوان كان، وقد خرج بالاستثناء أحد تلك العناوين، وهو الشرط المخالف، وبقي سائر العناوين تحت المستثنى منه، ومنها الشرط الذي لم يتحقق بينه وبين الكتاب مخالفة، وهذا العنوان مناقض لعنوان الخاص، وهو على الفرض محكوم بالنفوذ، وهو مضاد للفساد، فالحكم الذي يترتب على العنوان المحرز أحد جزئيه بالوجدان والآخر بالأصل - أعني النفوذ والصحة - مترتب بلا واسطة، وهو بنفسه يوجب الفراغ عن حكم الخاص، لاستحالة اجتماع الحكمين في موضوع واحد، وليس العنوان المحرز بالأصل من العناوين المجامعة مع عنوان الخاص كي يقال إن احراز حكم الشئ بعنوان لا ينافي وجوب الفراغ عن الحكم الثابت له بعنوان آخر، وهكذا الأمر إذا شك في محرمية الشرط للحلال ومحلليته للحرام، فإن الأصل عدم تحقق التحليل أو التحريم به وهذا أصل أصيل نافع في غالب أبواب الفقه إذا لم يعنون المستثنى منه بعنوان وجودي أو عدمي رابطي، فتدبر.
- قوله (رحمه الله): (ومرجع هذا الأصل إلى أصالة عدم ثبوت... الخ) (1).
وجه العدول ليس عدم تمامية الأصل المتقدم في نفسه، كيف؟ وقد اعتمد على أمثاله في غير مقام، بل لمكان الأصل الجاري في السبب، لأن منشأ الشك في المخالفة الشك في كيفية ثبوت الحكم وإنه على وجه يتغير أو على وجه لا يتغير،