حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٨٧
فالآن نتبرك بذكر رواية صحيحة من تلك الروايات، هي ما رواه الشيخ الكليني في جامعه " الكافي " (1) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، قال: قال أبو الحسن الرضا (عليه السلام): " قال الله عز وجل: يا ابن آدم بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء، وبقوتي أديت فرائضي، وبنعمتي قويت على معصيتي، جعلتك سميعا بصيرا قويا * (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك) * وذلك أني أولى بحسناتك منك وأنت أولى بسيئاتك مني، وذاك أني لا اسئل عما أفعل وهم يسألون ". ولقد شرحنا هذا الحديث شرحا وافيا في " الأربعين " (2).
وأنت إذا تأملت ما تقدم منا ترى أن الروايات الشريفة متوافقة المضمون غير متعارضة الحقيقة، وإن كان الجاهل يزعم الاختلاف.
فلا منافاة بين قول أبي عبد الله (عليه السلام) في رواية أبي بصير " من زعم أن الخير والشر إليه فقد كذب على الله " (3)، وقوله (عليه السلام): " من زعم أن الخير والشر بغير مشية الله فقد أخرج الله عن سلطانه " (4)، وكذا بين ما ورد " أن الشر ليس إليه والخير بيديه " (5) وما ورد من أن الخيرات والشرور كلها مما أجرى الله على أيدي العباد (6)، إلى غير ذلك [28].
[28] قوله (قدس سره): " ولقد شرحنا هذا الحديث شرحا وافيا في الأربعين " يبعثنا على نقل ما حققه في شرح هذا الحديث بالفارسي بتبديله إلى العربية، مع تلخيص مني:
قال (قدس سره): في هذا الحديث الشريف إشارة واضحة إلى مسألة الجبر والتفويض وتبيين المذهب الحق - وهو الأمر بين الأمرين، والمنزلة بين المنزلتين - على مسلك أهل المعرفة وطريقة أصحاب القلوب، حيث أثبت المشية والقوة للعبد وأنها بمشية الحق، فقال: " بمشيتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء... " إلى آخره. ولما كان هناك مظنة

١ - الكافي ١: ١٥٩ / ١٢.
٢ - أنظر شرح چهل حديث، الإمام الخميني (قدس سره): ٥٩٧ / ٣٥.
٣ - الكافي ١: ١٥٦ / ٢.
٤ - الكافي ١: ١٥٨ / ٦، التوحيد ٣٥٩ / ٢.
٥ - مسند أحمد بن حنبل ١: ١٠٢، كنز العمال ١١: ٤٣٤ / ٣٢٠٤٢.
٦ - أنظر الكافي ١: ١٥٤، باب الخير والشر.
(٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162