حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٩٣
كان عالما أن الكافر لا يستوجب عند خلقه إلا النار " فالحكمة بمعنى الغاية الكمالية التي ينتهي إليها الفعل وتحرز فائدته، فهو أن يخلق من المادة الأرضية الخسيسة تركيب خاص ينتهي بسلوكه في مسلك الكمال إلى جوهر علوي ويتقرب إلى ربه تقربا كماليا، فهذه غاية النوعية الإنسانية.
غير أن من المعلوم: أن مركبا أرضيا مؤلفا من الأضداد واقعا في عالم التزاحم محفوفا بعلل وأسباب موافقة ومخالفة، لا ينجو منها بكله ولا يخلص من إفسادها جميع أفراده، فلا محالة لا يفوز بالسعادة المطلوبة منه إلا بعض أفراده. وليست هذه الخصيصة مما يختص بالإنسان بل جميع الأنواع المتعلقة الوجود بالمادة كذلك.
ولو فرض شئ من هذه الأنواع غير متأثر من شئ من العوامل المخالفة، كالنبات - مثلا - غير متأثر من حرارة وبرودة ونور وظلمة ورطوبة ويبوسة كان في هذا الفرض إبطال تركيبه الخاص أولا، وإبطال العلل والأسباب ثانيا، وفيه إبطال الكون، فافهم ذلك.
ولا ضير في بطلان مساعي بعض الأفراد أو التركيبات إذا أدى ذلك إلى فوز بعض آخر بالكمال والغاية الشريفة، فإن الخلقة المادية لا تسع أزيد من ذلك وصرف الكثير في المادة الخسيسة التي لا قيمة لها في تحصيل القليل من الجواهر الشريف العالي استرباح حقيقي بلا تبذير أو جزاف.
وأما الشبهة الثانية: - قوله ما الفائدة في التكليف... إلى آخره - فمغالطة من باب إسراء حكم الفاعل الناقص إلى الفاعل التام، والتكليف وإن كان أمرا وضعيا اعتباريا لا يجري في متنه الأحكام الحقيقية، إلا أنه في المكلفين واسطة ترتبط بها الكمالات اللاحقة الحقيقية بسابقتها، فهي وصلة بين حقيقتين.
توضيح ذلك ملخصا: أنا لسنا نشك عن المشاهدة المتكررة والبرهان أن ما بأيدينا من الأنواع واقعة تحت الحركة التي ترسم لكل منها بقاء بحسب حاله ووجودا ممتدا يبتدئ من حالة النقص وينتهي إلى حالة الكمال، وبين أجزاء هذا الامتداد الوجودي
(٩٣)
مفاتيح البحث: الباطل، الإبطال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162