قال: " هي الذكر الأول، فتعلم ما الإرادة؟ ".
قلت: لا.
قال: " هي العزيمة على ما يشاء، فتعلم ما القدر؟ ".
قلت: لا.
قال: " هي الهندسة ووضع الحدود من البقاء والفناء ".
قال: ثم قال: " والقضاء هو الإبرام وإقامة العين... " إلى آخره (أصول الكافي 1، 157).
والغرض من كلامه وخطابه هو المنع عن الإعتقاد بمذهب القدرية بمعنى المفوضة القائلين بأن أفعال العباد واقعة بقدرتهم بلا مدخلية لقدرة الله تعالى وإرادته في أفعالهم، سوى أنه تعالى أوجدهم وفوض إليهم الاختيار، يفعلون ما يشاؤون ويتركون ما لا يشاؤون.
والإمام (عليه السلام) حذر يونس ونهاه عن الاعتناق بهذا المذهب، وأشار إلى سخافته بأنه في الفساد والركاكة بمثابة لا يقول به أهل الجنة، ولا يقول به أهل النار، ولا يقول به إبليس الرجيم.
أما أهل الجنة فقالوا: * (الحمد لله الذي هدانا...) * إلى آخره، اعترافا منهم بأن اهتداءهم إلى الجنة كان بالله - عز وجل - وأن وصولهم إلى الغبطة العظمى رهين توفيقه وإرادته تعالى.
وأما أهل النار فأفصحوا عن شقوتهم الغالبة عليهم التي قادتهم إلى النار بأن ذلك كان بما سبق في علمه تعالى ضلالهم.
وأما إبليس فأجهر بأن غوايته كانت بإغواء الله تعالى.
فهؤلاء كلهم قائلون بعدم انقطاع أفعالهم من فعل الله تعالى، بخلاف القدرية المفوضة، حتى حكي عن بعضهم: لو جاز العدم على الله تعالى - والعياذ بالله - لما ضر