حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٧٤
أوضحت من أمرنا ما كان ملتبسا * جزاك ربك بالإحسان إحسانا (أصول الكافي 1، 156).
دلالة الخبر على كون السائل يزعم أن تعلق القضاء بالحوادث - ومن جملتها أفعال الإنسان - يوجب ارتفاع الإرادة واختياره عنها، واضحة، فلذلك أطلق أمير المؤمنين (عليه السلام) على هذه المزعمة الجبرية عناوين، منها القدرية فقال (عليه السلام): " تلك مقالة إخوان عبدة الأوثان وخصماء الرحمان وحزب الشيطان وقدرية هذه الأمة ومجوسها ".
ثم أرشد السائل إلى ما هو الحق بتبيين أن قضاء الله تعالى وسبق علمه لا يوجب علينا الحتم والإكراه والاضطرار ولا ينافي الاختيار، بل أمره تعالى وتكليفه على تخيير من العبد في الفعل والترك ومثله نهيه سبحانه وتعالى، فكأنه بوجه إعلام منه، كأنه قيل: من ائتمر أو انتهى فله ثواب كذا، ومن تمرد وخالف فله عقاب كذا، انتهى. هذا إطلاق القدرية على الجبري.
وأما إطلاقها على المفوضة: ففي خبر يونس بن عبد الرحمان عن الرضا - عليه آلاف التحية والثناء - قال: قال لي أبو الحسن الرضا (عليه السلام): " يا يونس! لا تقل بقول القدرية فإن القدرية لم يقولوا بقول أهل الجنة، ولا بقول أهل النار، ولا بقول إبليس فإن أهل الجنة قالوا: * (الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله) *، وقال أهل النار:
* (ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين) *، وقال إبليس: * (رب بما أغويتني) * ".
فقلت: والله ما أقول بقولهم، ولكني أقول: لا يكون إلا بما شاء الله وأراد وقدر وقضى.
فقال: " يا يونس! ليس هكذا، لا يكون إلا ما شاء الله وأراد وقدر وقضى، يا يونس!
تعلم ما المشية؟ " قلت: لا.
(٧٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162