حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٦٨
الفعل على ما هو المعروف المعهود من استناد كل فعل إلى فاعله.
لكن أراد بالنفي عدم الوقوف على هذا الاستناد، فإن الواقف معه بادئ الرأي، فنبه الغافل وأيقظ النائم أن يقوم من الرقدة، فينظر إلى الحق الذي في الخلق ومع الخلق أينما كانوا و * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا) * (المجادلة: 7).
فلا يشذ عن معيته القيومية شئ من الأفعال والصفات. فجميع الأفعال والصفات وقبلها الذوات مستهلكة فيه تعالى، فليس لشئ من العوالي والأداني نفسية بالنسبة إليه سبحانه، بل لا يمكن أن يقع طرفا للحاظ:
كه جائيكه دريا است من كيستم * گر أو هست حقا كه من نيستم فالعارف المتيقظ إذا شاهد صورة في الحس أو سمع كلاما أو وقع في قلبه معنى من المعاني يرتقي إلى مبادئها طالبا حقيقتها، ويعلم أن كل ما يحدث في العالم رسول من الله سبحانه إليه يبلغ رسالة ربه ويدعوه إلى التوحيد والنظر إلى الحق في الخلق، حتى يرى الوحدة الذاتية في الكثرة الخلقية، كما قال الله عز وجل: * (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) * (يوسف: 105).
وذلك لدوامهم في نوم الغفلة واعتناقهم الحياة الحيوانية وتعاميهم عن ذكر الله تعالى، فسيحشرون يوم القيامة عميا وعلى وجوههم غبرة ترهقها قترة.
وإلى مقام النظر إلى الحق في الخلق ينظر كلام سيد الشهداء (عليه السلام) في دعاء عرفة:
" أنت الذي لا إله غيرك، تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ، وأنت الذي تعرفت إلي في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل شئ، وأنت الظاهر لكل شئ ".
ومما مر تعرف البيان في قوله تعالى: * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * حيث نفى المشية عنهم ثم استثنى من النفي، فأفاد أن مشيتهم قائمة بوجودها على مشية الله تعالى.
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162