الفعل على ما هو المعروف المعهود من استناد كل فعل إلى فاعله.
لكن أراد بالنفي عدم الوقوف على هذا الاستناد، فإن الواقف معه بادئ الرأي، فنبه الغافل وأيقظ النائم أن يقوم من الرقدة، فينظر إلى الحق الذي في الخلق ومع الخلق أينما كانوا و * (ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم ولا أدنى من ذلك ولا أكثر إلا هو معهم أين ما كانوا) * (المجادلة: 7).
فلا يشذ عن معيته القيومية شئ من الأفعال والصفات. فجميع الأفعال والصفات وقبلها الذوات مستهلكة فيه تعالى، فليس لشئ من العوالي والأداني نفسية بالنسبة إليه سبحانه، بل لا يمكن أن يقع طرفا للحاظ:
كه جائيكه دريا است من كيستم * گر أو هست حقا كه من نيستم فالعارف المتيقظ إذا شاهد صورة في الحس أو سمع كلاما أو وقع في قلبه معنى من المعاني يرتقي إلى مبادئها طالبا حقيقتها، ويعلم أن كل ما يحدث في العالم رسول من الله سبحانه إليه يبلغ رسالة ربه ويدعوه إلى التوحيد والنظر إلى الحق في الخلق، حتى يرى الوحدة الذاتية في الكثرة الخلقية، كما قال الله عز وجل: * (وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون) * (يوسف: 105).
وذلك لدوامهم في نوم الغفلة واعتناقهم الحياة الحيوانية وتعاميهم عن ذكر الله تعالى، فسيحشرون يوم القيامة عميا وعلى وجوههم غبرة ترهقها قترة.
وإلى مقام النظر إلى الحق في الخلق ينظر كلام سيد الشهداء (عليه السلام) في دعاء عرفة:
" أنت الذي لا إله غيرك، تعرفت لكل شئ فما جهلك شئ، وأنت الذي تعرفت إلي في كل شئ فرأيتك ظاهرا في كل شئ، وأنت الظاهر لكل شئ ".
ومما مر تعرف البيان في قوله تعالى: * (وما تشاؤون إلا أن يشاء الله) * حيث نفى المشية عنهم ثم استثنى من النفي، فأفاد أن مشيتهم قائمة بوجودها على مشية الله تعالى.