الثاني: الوعد والوعيد واستحقاق الثواب والعقاب.
الثالث: تنزيه الله تعالى عن إيجاد الشرور والقبائح من الكفر والمعاصي ونحوها.
ولكنهم غفلوا عما يلزمهم من إثبات الشركاء لله، حيث جعلوا العبد مستقلا في الإيجاد، فأخرجوه من حد الإمكان إلى مقام الوجوب، فجعلوا العباد شركاء لله تعالى كما في كلام إمامنا الرضا (عليه السلام) على ما أشار إليه الأستاذ الإمام، رضوان الله عليه.
ويجب أن يعلم: أن خصوم المفوضة يطلقون عليهم اسم " القدرية "، كما أنهم يطلقون على خصومهم اسم " القدرية "، وذلك لأنه ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): " القدرية مجوس هذه الأمة ".
فكل من الفريقين يرمي الآخر بأنه المراد من الحديث، إذ لكل منهما وجه من الشباهة بالمجوس القائلين بأن الخير والشر ليسا منا بل من غيرنا، وأن فاعل الخير هو يزدان وفاعل الشر هو أهرمن.
فالقائلون بأن العبد مجبور في فعله - وهم الجبرية، كما سيأتي بيان مذهبهم - كالمجوس في قولهم الأول، والقائلون بأن العبد مفوض إليه الاختيار في فعله هم كالمجوس في قولهم الثاني، وهو الاعتناق بالثنوية.
فالجبري مجوس هذه الأمة حيث ينسب الخسائس والنقائص إلى الله، نظرا إلى السبب الأول وأن الكل بتقديره وقدرته، مع قطع النظر عن الوسائط، فبذلك يصح إطلاق القدرية عليهم. كما أن المفوضة حيث نظروا إلى الأسباب القريبة للأفعال قالوا بالقدر والتفويض وأن الأفعال واقعة بقدرتنا مقدرة بتقديرنا ومفوضة إلينا، فإطلاق القدرية عليهم أيضا واقع في محله، كما أن إطلاق المجوس على كل واحد من الفريقين صحيح بهذه الملاحظات.
ثانيها: قول المجبرة فإنهم ذهبوا إلى أن لا مؤثر في الوجود إلا الله المتعالي عن الشريك في الخلق والإيجاد، * (لا يسأل عما يفعل وهم يسألون) *.