حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٤٣
نفسه حتى يوجد أو يترك عن اختيار فاعله لا عن اختيار آمره وناهيه.
إذا عرفت ذلك علمت: أن الإرادتين يمكن أن تختلفا من غير ملازمة، كما أن المعتاد بفعل قبيح ربما ينهى نفسه عن الفعل بالتلقين، وهو يفعل من جهة إلزام ملكته الرذيلة الراسخة، فهو يشاء الفعل بإرادة تكوينية ولا يشاؤه بإرادة تشريعية، ولا يقع إلا ما تعلقت به الإرادة التكوينية.
والإرادة التكوينية هي التي يسميها الإمام الكاظم (عليه السلام) بإرادة حتم، والإرادة التشريعية هي التي يسميها الإمام (عليه السلام) بإرادة عزم.
وإرادة الله تعالى التكوينية تتعلق بالشئ من حيث هو موجود، ولا موجود إلا وله نسبة الإيجاد إليه تعالى بوجوده بنحو يليق بساحة قدسه تعالى، وإرادته التشريعية تتعلق بالفعل من حيث إنه حسن وصالح غير القبيح الفاسد. فإذا تحقق فعل موجود قبيح كان منسوبا إليه تعالى من حيث الإرادة التكوينية بوجه، ولو لم يرده لم يوجد ولم يكن منسوبا إليه تعالى من حيث الإرادة التشريعية، فإن الله لا يأمر بالفحشاء.
فقول الكاظم (عليه السلام): " إن الله نهى آدم (عليه السلام) عن الأكل وشاء ذلك، وأمر إبراهيم (عليه السلام) بالذبح ولم يشأه " أراد بالأمر والنهي التشريعيين منهما، وبالمشية وعدمها التكوينيتين منهما (ج 1، ص 151).
هذا الكلام أورده في شرح الحديث المروي عن مولانا أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) في باب المشية والإرادة.
ومتن الحديث: عن أبي الحسن (عليه السلام) قال: " إن لله إرادتين ومشيئتين: إرادة حتم وإرادة عزم، ينهى وهو يشاء، ويأمر وهو لا يشاء، أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك، ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى؟! وأمر إبراهيم أن يذبح إسحاق ولم يشأ أن يذبحه؟! ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى " (الخبر الرابع في المصدر المزبور).
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162