حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٣٢
منكشف لنا من الألفاظ المرتبة كلاما نفسيا لنا، وليس كذلك بل قد يحصل عندنا علم بألفاظ غيرنا المرتبة وليست كلاما نفسيا لنا بالضرورة.
بل الكلام النفسي ما تحدثنا به أنفسنا بحيث يكون منشأ نفس الترتيب ومبدؤه من ذاتنا، فكلامنا هو ما رتبناه في خيالنا بأنفسنا، هذا.
مضافا إلى ما ذكره في " المواقف " من أنه قد يخبر الرجل عما لا يعلم أو يعلم خلافه أو يشك فيه، فتلك الصفة مبدأ اختراع الأخبار الكاذبة، وليست هي العلم الذي مبدأ الانكشاف، كما أن العلم بكلام الغير ليس كلاما نفسيا.
وفيه أولا: أن تسمية الصفة النفسية كلاما نفسيا إنما هو مجرد اصطلاح لا طائل تحته، كما هو واضح للمتأمل.
وثانيا: أن هذا المبدأ الذي ذكره وبين أثره بأنه منشأ ترتيب الألفاظ في خيالنا إنما هي من قوى النفس الباطنة، وشأنها أن تركب وتفصل ما يليها من الصور المأخوذة عن الحس والمعاني المدركة بالوهم، وتركب أيضا الصور بالمعاني وتفصلها عنها، ولها التركيب في الموجبات والتفصيل في السوالب. وتسمى عند استعمال العقل " مفكرة " وعند استعمال الوهم " متخيلة ". وسلطانها في الجزء الأول من التجويف الأوسط، كأنها قوة ما للوهم وبتوسط الوهم للعقل، كما برهن في كتاب النفس من " الشفاء " و " الإشارات " و " الأسفار " وغيرها.
ثم إن ما بينه من الأثر - أي ترتيب الألفاظ - إنما هو أثر خاص لهذه القوة المشتهرة للتركيب والتفصيل، ولها ألوان أخر من التجزئة والتركيب، وهي المركبة بين الصورة والصورة، وبين الصورة والمعنى، وبين المعنى والمعنى، وهي المفصلة بينها أيضا، وهي المخترعة للتشبيهات والاستعارات بأقسامها.
نعم، من زلات العمى عن البرهان ما يضيق عن الإحاطة بها نطاق البيان.
(٣٢)
مفاتيح البحث: الترتيب (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162