وليعلم: أن إيحاء الوحي وإنزال الكتب وإرسال الرسل جزء من النظام الأتم الكياني التابع للنظام الأجمل الرباني، وكيفية تعلق الإرادة بها ككيفية تعلقها بالنظام الكياني بنحو التبعية والاستجرار للنظام الرباني، أي حضرة الأسماء والصفات وهي الكنز المخفي المحبوب بالذات، والمحب والمحبوب والحب عين الذات [13].
فتحصل مما ذكرنا: وهن تمسك الأشعري لإثبات مطلوبه بالأوامر الامتحانية، فإنه مع ما عرفت بطلانه لو فرض كلام نفسي وطلب نفسي لنا فهما، لا يمكن تصورهما في ذات القيوم الواجب جل وعلا، وهل هذا إلا قياس الحق بالخلق، والتراب برب الأرباب، ولعل النملة ترى أن لله تعالى زبانيين (1).
كما اتضح وهن كلام المحقق الخراساني (رحمه الله) (2)، من أنه ليس في الأوامر الامتحانية إرادة حقيقية ولا طلب حقيقي بل فيها إرادة إنشائية وطلب إنشائي، فإنه - مضافا إلى ما عرفت - يرد عليه أنه لا معنى محصل للإرادة الإنشائية، بل لا معنى للوجود الإنشائي والاعتباري للحقائق المتحققة كالسماء والأرض والإنسان. نعم يعتبر العقلاء أمورا لا حقيقة لها لمسيس الحاجة إليها، كالزوجية والملكية وسائر الاعتباريات. فليس للإرادة والطلب فرد حقيقي وفرد إنشائي [14].
[13] سيجئ منه كلام في الخاتمة مرتبط بالوحي والرسالة، فانتظر إفاضة البحث هناك إن شاء الله.
[14] قوله (قدس سره): " ولعل النملة... " إلى آخره، اقتباس من الحديث المروي عن مولانا الباقر (عليه السلام)، رواه في " القبسات ": ونعم ما قال عالم من أهل بيت النبوة (عليهم السلام): " هل يسمى