حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٣٣
وأما الأوامر والنواهي الإلهية مما أوحى الله تعالى إلى أنبيائه، فهي ليست كالأوامر الصادرة عنا في كيفية الصدور ولا في المعللية بالأغراض والدواعي، لأن الغايات والأغراض والدواعي كلها مؤثرات في الفاعل وهو واقع تحت تأثيرها، وهو غير معقول في المبادي العالية الروحانية، فضلا عن مبدأ المبادي كلها جلت عظمته، لاستلزامه للقوة التي حاملها الهيولى، وتركب الذات من الهيولى والصورة والقوة والفعل والنقص والكمال وهو عين الإمكان والافتقار تعالى عنه. فما هو المعروف بينهم " أنه تعالى يفعل للنفع العائد إلى العباد " (1)، مشترك في الفساد والامتناع مع فعله للنفع العائد إليه [11].
[11] اعلم: أن العلة الغائية والغاية والغرض والفائدة متحدات ذاتا متغايرات اعتبارا.
مثلا: الجائع إذا أكل ليشبع فإنما أكل لأنه تخيل الشبع، فحاول أن يستكمل وجود الشبع، فيصير من حد التخيل إلى حد العين، فهو من حيث إنه شبعان تخيلا هو العلة لفاعلية فاعل الأكل المستتبع للشبعان العيني. فالشبعان العيني هي الغاية والشبعان التخيلي هو العلة الغائية. وهي بما أنه ملحوظ الفاعل في فعله يسمى غرضا، وبما أنها المترتبة على الفعل سميت بفائدة.
فإذا كان الفاعل المختار ممكن الوجود ناقص الذات كان غرضه في فعله شيئا زائدا على ذاته، به يستكمل ويتم ذاته. وأما الواجب المتعالي فلكونه تاما وفوق التمام فلا يعقل الغرض والغاية في فعله ليصير به تاما.
وقول القائل: إنه تعالى يفعل لغرض يعود إلى غيره لا إلى ذاته، مردود بما ذكره الإمام (قدس سره) من أن هذا الرأي مشترك في الفساد والامتناع مع فعله لغرض يعود

١ - أنظر كشف المراد: ٣٠٦، ونهج الحق وكشف الصدق: ٨٩، وشرح المواقف 8: 203.
(٣٣)
مفاتيح البحث: الأكل (3)، الصدق (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162