قال الشيخ الرئيس (قدس سره) في " التعليقات ": ولو أن إنسانا عرف الكمال الذي هو حقيقة واجب الوجود، ثم كان ينظم الأمور التي بعده على مثاله حتى كانت الأمور على غاية النظام لكان الغرض بالحقيقة واجب الوجود بذاته الذي هو الكمال، فإن كان واجب الوجود بذاته هو الفاعل فهو أيضا الغاية والغرض.
والحاصل: أنه ليس لفعله غرض عائد إلى استكماله، فأفعاله تعالى غير معللة بالأغراض والغايات غير ذاته. وأما نفي الغاية والغرض والفائدة العائدة إلى استكماله لا يستلزم نفيها عن فعله تعالى، فإنه سبحانه وإن لم يكن له في أفعاله غاية استكمالية ولا لمية مصلحية من المنافع والمصالح، ولكن ذاته ذات لا تحصل منه الأشياء إلا على أتم ما ينبغي وأبلغ ما يمكن من المنافع والمصالح، سواء كانت ضرورية كوجود العقل للإنسان، أو غير ضرورية ولكنها مستحسنة كإنبات الشعر على الحاجبين وغيره.
قال صدر المتألهين (قدس سره) في " الأسفار " واعلم: أن هناك فرقا بين طلب اللمية لفعله بمعنى السؤال عن سبب به يصير الفاعل فاعلا، وبين طلبها بمعنى سبب فعله، وما به يصير هذا الفعل متعينا في الصدور موجودا على الخصوص دون غيره في هذه المرتبة.
فالسؤال على الوجه الأول باطل في حقه - جل اسمه - إذ الذاتي للشئ لا يكون معللا بشئ.
ولا شك لأحد من الحكماء الموحدين والعرفاء الشامخين أن فاعلية الواجب سبحانه بنفس ذاته لا بأمر زائد على ذاته، وكذا الداعي في إيجاد العالم هو علمه بوجه النظام الأتم الذي هو عين ذاته، فذاته كما أنه فاعل فهو علة غائية وغاية لوجود العالم، انتهى.
وقال فيه أيضا بعد كلام: ومنها - أي من الشبهات - أنه ورد في كلامه تعالى: * (لا يسأل عما يفعل) * فلو كان لشئ من أفعاله علة غائية أو داع لكان السؤال ب " لم " عن فعله جائزا معقولا، فلماذا وقع النهي عن السؤال والمنع عن طلب اللمية في الكتاب والسنة؟