استعداد وقبول بواسطة الوجهة الخاصة التي للفيض الأقدس مع حضرة الأعيان.
فظهور الأعيان في الحضرة العلمية تقدير الظهور العيني في النشأة الخارجية والظهور في العين حسب حصول أوقاتها وشرائطها.
قوله (قدس سره): " ويقدر كل استعداد وقبول... " إلى آخره صريح في أن كل خير وسعادة وكذا كل شر وشقاوة في النشأة الخارجية والظهور العيني ناشئة من تلك القوابل ومن مقتضياتها.
قال في " الفصوص ": اعلم أن القضاء حكم الله في الأشياء، وحكم الله في الأشياء على حد علمه بها وفيها، وعلم الله في الأشياء على ما أعطته المعلومات مما هي عليه في نفسها، والقدر توقيت ما عليه الأشياء في عينها من غير مزيد، فما حكم القضاء على الأشياء إلا بها.
قال القيصري في شرحه: أي إذا كان حكم الله على حد علمه بالأشياء وعلمه تابع لها فما حكم الحق على الأشياء إلا باقتضائها من الحضرة الإلهية ذلك الحكم، أي اقتضت أن يحكم الحق عليها بما هي مستعدة وقابلة.
قال ابن عربي: وهذا هو عين سر القدر الذي يظهر لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فلله الحجة البالغة.
قال الشارح: أي هذا المعنى هو سر القدر الذي لمن كان له قلب يتقلب في أطوار عوالم الملك والملكوت أو ألقى السمع بنور الإيمان الصحيح وهو شهيد يشاهد أنوار الحق في بعض عوالمه الحسية والمثالية فلله الحجة البالغة، أي لله الحجة التامة القوية على خلقه فيما يعطيهم من الإيمان والكفر والانقياد والعصيان، لا للخلق عليه، إذ لا يعطيهم إلا ما طلبوا منه باستعدادهم. فما قدر عليهم الكفر والعصيان من نفسه، بل باقتضاء أعيانهم ذلك وطلبهم بلسان استعداداتهم أن يجعلهم كافرا أو عاصيا، كما طلبت عين الحمار صورته وعين الكلب صورته، والحكم عليه بالنجاسة العينية أيضا مقتضى ذاته.