حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١٤٥
[منشأ اختلاف النفوس] ثم اعلم: أن منشأ اختلاف نفوس الإنسان في الحنين إلى الخيرات والشرور والميل إلى موجبات السعادة والشقاوة أمور كثيرة نذكر مهماتها:
فمنها: اختلافها في نفسها، ومنشأ اختلاف الإفاضة على المواد المستعدة لها، ومنشأ اختلاف المواد - أي النطف التي تستعد لقبول الصورة الإنسانية - أنها تحصل من الأغذية الخارجية بعد عمل القوى فيها أعمالها فتفرز القوة المولدة من فضول الأغذية أجزاء لتوليد المثل، هي في الحيوان النطفة.
ولما كانت الأغذية مختلفة غاية الاختلاف في اللطافة والكثافة والصفاء والكدورة، فلا محالة تختلف النطف الحاصلة منها. فإذا حصلت النطفة من أغذية لطيفة صافية يكون لها استعداد خاص لقبول الصورة غير ما للمواد الكثيفة الكدرة أو المختلطة من اللطيفة والكثيفة.
ولا يخفى: أن للاختلاط والامتزاج أنواعا كثيرة لا يحيط بها إلا الله تعالى، وقد عرفت آنفا أن الإفاضات على المواد إنما تكون على مقدار استعداداتها لا تتعداها ولا يمكن ذلك كما لا يمكن قصور الإفاضة عنها [40].
[40] الروايات الواردة في خلقة الإنسان من الطينات المختلفة كثيرة جدا:
فمنها: ما عن " العلل " عن حبة العرني عن علي (عليه السلام) قال: " إن الله خلق آدم من أديم الأرض، فمنه السباخ ومنه الملح ومنه الطيب فكذلك في ذريته الصالح والطالح ".
ومنها: ما عن " المحاسن " عن عبد الله بن كيسان قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
جعلت فداك أنا مولاك عبد الله بن كيسان.
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162