خزائننا، وانصرف ولا تطلع على سرنا أحدا إلا مؤمنا مستبصرا، فإنك إن أذعت سرنا بليت في نفسك ومالك وأهلك وولدك ".
أقول: مضمون هذا الخبر بالغ حد التواتر المعنوي، فراجع إلى أبواب الطينات من الأحاديث، وما ينبو منها إلى الفهم الساذج هو نقل الأعمال والتبديل لها، بأن يقال: كل عامل مضروب عليه عمله، فلا معنى لأن يأكل زيد ويسمن عمرو، فإنه يقال: إن الله تعالى بين في كتابه أن لجزاء الأعمال نظاما بديعا، وأن بعض الأعمال السيئة ينقل إثم من وقع عليه العمل إلى العامل، كقوله سبحانه: * (إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك) *، فهذا كالصريح في أن إثم المقتول المظلوم يطير عنه إلى القاتل الظالم.
وأن منها ما ينقل مثل سيئات الغير إلى الإنسان، كقوله: * (ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم...) * إلى آخر الآية.
ولقد أتعب سيدنا صالح المتألهين - قدست نفسه الزكية - وبين ذلك في " تفسير الميزان "، فراجع إليه.
والروايات الطينية كثيرة جدا لا يسع المجال وموضوع الرسالة نقل شطر منها، إلا أن مدلولها الموافق، بل وجهتها تدل على أن المادة الأرضية وما عليها من الأغذية حيوانا ونباتا - مع اختلاف أنواعها وأوصافها - لها ارتباط بأحوال الإنسان وأوصافه من حيث اللطافة والكثافة والحنين إلى السعادة والتسارع إلى الشقاوة.
فوجهة تلك الروايات هي أن الإنسان تركبت أجزاء بدنه من المواد الأرضية، إما طيبة أو سبخة خبيثة، وتلك المواد والأغذية الحاصلة منها والمياه الجارية عليها عذبا أو أجاجا بما لها من الاقتضاءات الكامنة فيها مؤثرة في اختلاف الهيئات والصور العارضة له، وفي اختلاف إدراكاته وخصاله وعواطفه مع ما للبيئة والمحيط وغيرهما من التأثيرات، ولم يزل في سلوكه تحت العوامل المؤثرة حتى يبلغ الكتاب أجله فيتم إنسانا سعيدا أو شقيا على ما جرى في قضاء الله تعالى، وما أوتينا العلم بالأسباب الدخيلة في