بالذات - أي بلا واسطة في العروض - لا للذات - أي من غير حيثية تعليلية - ففي مراتب الوجود، ما ذاته بذاته لذاته موجود، وليس له حيثية تقييدية - أي واسطة في العروض - ولا حيثية تعليلية - أي واسطة في الثبوت - هو الواجب تعالى.
فإن قيل: فيكون كل وجود واجبا، إذ لا معنى للواجب سوى ما يكون تحققه بذاته وإن تحمل عليه الموجودية بالذات، وهذا هو المصرح به في عبارتكم هذه، فيلزم على ذلك واجبات غير متناهية، نعوذ بالله منه.
قلنا: معنى وجود الواجب بذاته أنه مقتضى ذاته من غير احتياج إلى فاعل وقابل، ومعنى تحقق الوجود في الموجودية بالذات أنه إذا حصل لذاته كما في الواجب تعالى أو بفاعل لم يفتقر في حمل الموجودية عليه إلى حيثية تقييدية وواسطة في العروض.
قولهم: " ما ذاته بذاته لذاته " قيل: كالظرف والمجرور إذا افترقا اجتمعا وإذا اجتمعا افترقا، فالمراد بالأول نفي الحيثية التقييدية، كما في موجودية الماهية الإمكانية، وبالثاني نفي الحيثية التعليلية كما في موجودية الوجودات الإمكانية الخاصة.
وإن شئت قلت: المراد بالأول نفي الواسطة في العروض كما في وساطة الوجود الخاص في تحقق الماهية، وبالثاني نفي الواسطة في الثبوت كما في وساطة الحق لتحقق الوجود الخاص الإمكاني.
والواسطة في العروض: أن تكون منشأ لاتصاف ذي الواسطة بشئ لكن بالعرض.
والواسطة في الثبوت أن تكون منشأ لاتصاف ذي الواسطة حقيقة بشئ. والتعبير الأغلب هو الواجب بالذات أو بذاته، فيجتمع فيه للذات أو لذاته أيضا.