قلت: فيأتي بكبيرة من هذه الكبائر، أو فاحشة من هذه الفواحش؟
قال: " لا ". قلت: فيذنب ذنبا؟
قال: " نعم، وهو مؤمن مذنب مسلم ".
قلت: ما معنى مسلم؟
قال: " المسلم بالذنب لا يلزمه ولا يصير (يصر - خ ل) عليه ".
قال: فقلت: سبحان الله ما أعجب هذا! لا يزني ولا يلوط ولا يسرق ولا يشرب الخمر ولا يأتي بكبيرة من الكبائر ولا فاحشة؟!
فقال: " لا عجب من أمر الله، إن الله - عز وجل - يفعل ما يشاء * (ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون) * فمم عجبت يا إبراهيم؟! سل ولا تستنكف ولا تستحسر، فإن هذا العلم لا يتعلمه مستكبر ولا مستحسر ".
قلت: يا بن رسول الله إني أجد من شيعتكم من يشرب ويقطع الطريق ويحيف السبيل ويزني ويلوط ويأكل الربا ويرتكب الفواحش ويتهاون بالصلاة والصيام والزكاة ويقطع الرحم ويأتي الكبائر، فكيف هذا؟ ولم ذاك؟
فقال: يا إبراهيم هل يختلج في صدرك شئ غير هذا؟ " قلت: نعم يا بن رسول الله، أخرى أعظم من ذلك.
فقال: " وما هو يا أبا إسحاق؟ " قال: قلت: يا بن رسول الله وأجد من أعدائكم ومناصبيكم من يكثر من الصلاة ومن الصيام ويخرج الزكاة ويتابع بين الحج والعمرة ويحض على الجهاد ويأثر (أي يعزم) على البر وعلى صلة الأرحام ويقضي حقوق إخوانه ويواسيهم من ماله ويتجنب شرب الخمر والزنا واللواط وسائر الفواحش، فمم ذاك؟ ولم ذاك؟ فسره لي يا بن رسول الله وبرهنه وبينه، فقد - والله - كثر فكري وأسهر ليلي وضاق ذرعي.