حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١٤
كما أن بتحقق هذا الوجوب لا يمكن عدم تحقق المعلول، للزوم اجتماع النقيضين وسلب الشئ عن نفسه.
وإني - مع حسن الظن بهم، وأنهم في مقام الدفاع عن أصول الدين - لست أبرأهم من القصور والتقصير فيما وقعوا فيه من الضلال والإضلال والعصبية * (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا... * ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لا يسمع إلا دعاء ونداء صم بكم عمي فهم لا يعقلون) *.
فترى كثيرا منهم يسارعون إلى القول بالتجسم في الواجب سبحانه وتعالى.
ولابن تيمية وأصحابه ميل عظيم إلى إثبات الجهة له تعالى، ونقل عن بعض تصانيفه أنه قال: لا فرق عند بديهة العقل بين أن يقال: هو معدوم أو يقال: طلبته في جميع الأمكنة فلم أجده، كما في شرح " العقائد العضدية " للدواني، وبحثهم حول رؤية الله تعالى بالأبصار يكفي عن المقال في بنيانهم على شفا جرف هار.
وكيف كان: فالذي يهمنا في المقام هو البحث عن شرح ألفاظ مستعملة في الباب متقاربة المعنى ربما يظن بها أنها مترادفة، وهي القدرة والاختيار والإرادة، مع أنها متباينة، وإن كانت بينها صلة:
فنقول:
1 - القدرة: المتبادر من مفهومها عرفا هو كون الفاعل بحيث يصح منه الفعل والترك، وهذا التعريف هو الذي أخذه المتكلمون في أبحاثهم الكلامية.
وقالت الحكماء: القدرة كون الفاعل في ذاته بحيث إن شاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل.
ويمكن التوفيق بينهما مقصدا ومآلا، كما ستسمع قريبا.
2 - الاختيار: فاعلم أن صحة مبدئية الفاعل للفعل إنما تنصبغ بصبغة القدرة إذا كان لفاعله علم به، بمعنى أن الفعل إنما يتعين له ويتشخص بعلمه أنه كمال وخير له. ولا
(١١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162