حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١٣
الحوادث، وكل ما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث.
أما الكبرى فظاهرة، وأما الصغرى فلوجهين: أحدهما أن الأجسام لا تخلو عن الأعراض، والأعراض كلها حادثة، إذ لو كانت قديمة لكانت باقية. ثانيهما: أن الأجسام لا تخلو عن الحركة والسكون، وحدوثهما كالنار على المنار، فالأجسام كلها حادثة. ثم قالوا: كل حادث مفتقر إلى محدث مؤثر في العالم. فالمؤثر فيه إن كان موجبا لزم حدوثه أو قدم العالم.
والتالي بقسميه باطل.
بيان الملازمة: أن المؤثر الموجب يستحيل تخلف أثره عنه، وذلك يستلزم إما قدم العالم وقد فرضناه حادثا، أو حدوث المؤثر ويلزم التسلسل.
فظهر: أن المؤثر للعالم قادر مختار. فزعموا: أن بإثبات القدرة والاختيار في الصانع الواجب تعالى ينتفي القول بالعلة والمعلول، فإن قوامه بقاعدة: " الشئ ما لم يجب لم يوجد " وهي مصادمة لاختيار الفاعل.
أقول: فتبين مما مر أن منع هؤلاء الطائفة من المتكلمين شمول القاعدة للفاعل المختار إنما حداهم إلى ذلك مزعمتهم أن تلك القاعدة تنافي القدرة والاختيار، وتستلزم أن يكون الفاعل موجبا في فعله، ونهاية لزوم قدم العالم.
ورأيت: أن الإمام الراحل - رضوان الله عليه - بينها أتم تبيين على أساس الأوليات، وأنها عامة للممكنات كلها - أي ممكن كان، سواء كان الأثر أثر الجاعل المختار أم لا - ولا يعقل تخصيصها إلا على أهواء أصحاب الجدل والعصبية.
ثم بين عدم تنافيها للقدرة والاختيار بأن الفاعل المختار التام الفاعلية باختياره وإرادته إذا سد جميع أعدام الفعل فقد أوجب الفعل وأوجده، فالوجوب الطارئ على الفعل قد صدر منه، وبالطبع متأخر عن ذاته، فكيف يعقل أن يصير منشأ للاضطرار والإيجاب للفاعل، وهو قوله (قدس سره): والوجوب الجائي من قبل العلة يستحيل أن يؤثر فيها.
(١١٣)
مفاتيح البحث: المنع (1)، الجدال (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162